مقال

الدكروري يكتب عن الحرص علي العلم والوقت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحرص علي العلم والوقت
بقلم / محمـــد الدكــروري

إن من الواجبات والحقوق الشرعية أن يقوم الأب برعاية أبنائه، وقضاء متطلباتهم من احتياجاتهم وتعليمهم علوم القرآن، وتحفيظه، أو تعليم العلوم الأخرى من طب، وكيمياء، وفيزياء وتاريخ وغيرها، وأن يقوم الأب والأم بتربية الأبناء على الفضائل الحسنة، من الصدق، والأمانة، وحب الخير، والشجاعة، والدفاع عن الحق، واحترام الكبير والعطف على الصغير، والالتزام بالوعود والإيفاء بها، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وغيرها الكثير من الفضائل الحسنة في الاسلام، فقيل أن ألبرت إنشتاين، الفيزيائي الألماني الشهير، أنه من شدة حرصه على العلم والوقت كان لا يلبس الأقمصة بأكمام ذوات أزرار، لأن غلقها وفتحها يضيع عليه وقتا ثمينا في تحصيل العلم، وإن العلم أساس نهضة الأمة وقيام الحضارات فبالعلم تبنى الأمجاد، وتسود الشعوب، وتبنى الممالك، بل لا يستطيع المسلم أن يحقق العبودية الخالصة لله تعالى على وفق شرعه، فضلا عن أن يبني نفسه.

كما أراد الله سبحانه أو يقدم لمجتمعه خيرا، أو لأمته عزا ومجدا ونصرا إلا بالعلم، وما فشا الجهل في أمة من الأمم إلا قوض أركانها، وصدع بنيانها، وأوقعها في الرذائل والمتاهات المهلكة، وكم هو شديد الوقع على النفوس أن يرى في الناس من شاب رأسه، ورق عظمه، وهو يتعبد الله على غير بصيرة وقد يصلى بعض الناس أربعين سنة، أو عشرين سنة، أو أقل أو أكثر وهو لم يصل في الحقيقة لأن صلاته ناقصة الأركان، أو مختلة الشروط والواجبات ومع ذلك لا يحاول تعلم أحكامها، بينما يُرى حريصا على دنياه ويكفي هذا دليلا على أن الله سبحانه وتعالى لم يرد به خيرا، ولو تعلم العلوم الدنيوية، وتبحر فيها؛ لأنها علوم معاشية فقط، لا تستحق مدحا ولا ذما، وقد وصف الله تعالى أصحابها بقوله تعالى فى سورة الروم ” يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون” وقال ابن كثير رحمه الله فهؤلاء ليس لهم علم إلا بالدنيا، وأكسابها.

وشؤونها، وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها، ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عن أمور الدين، ويقول تعالى فى سورة الروم ” يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون” وقال ابن كثير رحمه الله فهؤلاء ليس لهم علم إلا بالدنيا، وأكسابها، وشؤونها، وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها، ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عن أمور الدين، وما ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له، ولا فكرة، وقال الحسن البصرى والله ليبلغن أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه، وما يحسن أن يصلي فكيف تنهض الأمة في جميع مجالاتها بأمثال هؤلاء ؟ وإن الميراث الذي خلفه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للأمة هو العلم، ومن عومل النهوض بالأمة في المجال العلمى، أن نهتم بالمعلم والمربي وأن نشكر جهوده، ونؤدي إليه بعضا من حقه، وأن نعرف له قدره واحترامه وفضله، وإن الغش ظاهرة خطيرة وسلوك مشين.

والغش له صور متعددة، وأشكال متنوعة، ابتداء من غش الحاكم لرعيته، ومرورا بغش الأب لأهل بيته، وغش الخادم في عمله وانتهاء بالغش في التعليم والامتحانات، وحديثي سوف يقتصر على الغش في الامتحانات، والذي أصبح يشكو كثير من المدرسين والتربويين من انتشاره وفشوه وهذا حق، فإن ظاهرة الغش بدأت تأخذ في الانتشار، ليس على مستوى المراحل الابتدائية فحسب، بل تجاوزتها إلى الثانوية والجامعة والدراسات العليا، فكم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا أن اسمه على غلافه وكم من طالب قدم مشروعا، ولا يعرف عما فيه شيئا، فعلينا جميعا أن تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة ، كل بحسب استطاعته وجهده، فالأب في بيته ينصح أبنائه ويرشدهم ويحذرهم بين الحين والآخر ، والمعلم والمرشد في المدرسة والجامعة كل يقوم بالوعظ ، والإرشاد، وكذلك الداعية في خطبه ودروسه، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “من خرج فى طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرجع”

فالمعنى أن ثواب طالب العلم يشبه ثواب الخارج للجهاد في سبيل الله ، وذلك لأن علم الدين سلاح يُدافع به المؤمن الشيطان، ويدافع به شياطين الإنس ، ويدافع به نفسه التي بين جنبيه، وهواه ، ويميز به ما ينفعه في الآخرة وما يضره، ويميز به العمل المرضى عند الله والعمل الذي يسخط الله على فاعله، فبعلم الدين تميز الكفر من الإيمان، وتميز التوحيد من الإشراك، وتميز التنزيه من التشبيه، وبعلم الدين تعرف أن الله لا يشبه شيء من خلقه، وأن الله تعالى موجود لا كالموجودات، موجود بلا مكان ولا جهة، وبعلم الدين تعرف ماذا تقول ولماذا تقول وتعرف متى تسكت ولماذا تسكت ، وتميز الحلال من الحرام والحق من الباطل والحسن من القبيح، فعلم الدين هو حياة الإسلام فينبغي عليك الاهتمام به تعلما وتعليما فإن أفضل ما تنفق فيه نفائس الأوقات طلب العلم، فإن لم تكن أخي المسلم من أهل الهمة فلا تغفلن تعلم ما أوجب الله عليك تعلمه.

فإن من علم الدين قدرا يجب على كل بالغ عاقل تعلمه فقد روى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “طلب العلم فريضة على كل مسلم” ويشمل هذا القدر علم التوحيد وما يكون العامل به مؤمنا فهو فريضة على كل مسلم ولا يسع أحدا جهله فإن وجوبه على العموم وليس مقصورا على العلماء، ويشمل هذا القدر من علم الدين أيضا ما قاله ابن المبارك حين سئل عما يـجب على الناس من تعلم العلم فأجاب بأن لا يُقدم الرجل على الشيء إلا بعلم يسأل ويتعلم فهذا الذى يجب على الناس من تعلم العلم، وقال أحمد بن حنبل يجب على الرجل أن يطلب من العلم ما يقيم به الصلاة وأمر دينه من الصوم والزكاة إن وجبت عليه وذكر شرائع الإسلام قال ينبغي له أن يعلم ذلك، وهكذا يجب على كل مسلم أن يعرف ما يحل له وما يحرم عليه من المآكل والمشارب، والملابس والفروج والدماء والأموال فجميع هذا لا يسع أحدا جهله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى