مقال

الدكروري يكتب عن أسماء الرسول

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أسماء الرسول

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من المعلوم أنه حين ولد النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم سماه جده عبدالمطلب “محمدا” وجاء في القرآن الكريم تسميته على لسان المسيح عليه السلام “أحمد” وقد عرف قبل النبوة بالأمين، وعن جبير بن مطعم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لي خمسة أسماء أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب” متفق عليه، وعن أبي موسى الأشعري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء، فقال “أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة” وقال جبير بن مطعم رضي الله عنه وقد سماه الله رؤوفا رحيما، وقال ابن القيم “وكلها نعوت، ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال” ولما كان الأمر كذلك، فقد ذهب كثير من الناس، يشتقون له الأسماء من كل صفة كريمة.

 

وهم يظنون أنهم يحسنون بذلك صنعا، وقد قال ابن دحية في تصنيف له مفرد في الأسماء النبوية، قال بعضهم أسماء النبي صلى الله عليه وسلم عدد أسماء الله الحسنى، تسعة وتسعون اسما، قال ولو بحث عنها باحت لبلغت ثلاثمائة اسم” ولما كانت بعض هذه الصفات “الأسماء” هي من أسماء الله الحسنى، اضطر القاضي عياض أن يعقد فصلا يبين فيه أن الله سبحانه وتعالى في أسمائه وصفاته لا يشبه شيئا من مخلوقاته، وقال الزرقاني في شرحه على المواهب “نقل الغزالي وأقره في الفتح على أنه لا يجوز لنا أن نسميه صلى الله عليه وسلم باسم لم يسمه به أبوه ولا سمى به نفسه، أي لا يجوز أن نخترع له علما، وإن دل على صفة كمال، فلو جوزنا ما لم يرد به سماع لربما وصف بأوصاف تليق بالله دونه، على سبيل الغفلة، فيقع الواصف في محظور، وهو لا يشعر” وهذا الذي نقله الزرقاني هو الصواب، إذ يجب الوقوف عند ما ورد به النص.

 

وأما كنيته صلى الله عليه وسلم فهي كما ورد في الصحيح أبو القاسم، ولقد حملت به أمه صلى الله عليه وسلم كما تحمل كل النساء، ومرت بها أشهر الحمل، كما تمر بكل النساء، ووضعته كما تضع كل حامل، ولكن قيل أن أمه صلى الله عليه وسلم لم تجد ثقلا في حمله، وذهب آخرون إلى أنها حملت كأثقل ما تحمل النساء، وقيل في ليلة الولادة أنه حدثت أعاجيب وغرائب، منها دنو النجوم من الأرض، ونزول الملائكة، وامتلاء بيت آمنة نورا، وتحولت آمنة شاعرة تقرض الشعر في هذه المناسبة وغيرها، وفي هذه الليلة كما ذكره كثير من الكتاب ارتج إيوان كسرى وسقطت أربع عشرة شرفة من شرفاته، وخمدت نار فارس، وغيضت بحيرة طبرية، وغير ذلك كثير ولكن قيل أن كل هذا من خيال الوضاعين، ولا صلة له بالحقيقة، ولا بالواقع، ولو كان شيء من ذلك لجاء ذكره في الأحاديث الصحيحة عن النبى صلى الله عليه وسلم.

 

ولكن هل كان آباؤه صلى الله عليه وسلم أنبياء؟ فقد ذكر ذلك أبو نعيم، استنادا على أثر عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله تعالى ” وتقلبك فى الساجدين” وقال ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الأنبياء، حتى ولدته أمه، والآيات الكريمة تدعو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للتوكل عليه سبحانه المطلع على كل أحواله، في قيامه وصلاته منفردا، وكذلك في صلاته في الجماعة، وهذا تطمين له صلى الله عليه وسلم من الله تعالى، والمعلوم من أخبار التاريخ الثابتة خلاف ما جاء به هذا الأثر، فآباؤه القريبين معروفة سيرتهم، ولم يقل أحد أنهم كانوا أنبياء، بل ليس في بيئته وإلى عهد غير قصير من ادعى النبوة، وقد سجل البخاري في حديث أبي سفيان أن هرقل سأل أبا سفيان؟ فقال فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قال أبو سفيان لا، ولقد أيد الله عز وجل أنبياءه بمعجزات دالة على صدق نبوتهم، وما من نبي إلا وله معجزات يجريها الله تعالى على يده.

 

دلالة على صدقه، وقد أيد الله نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بمعجزات فاقت معجزات الأنبياء الأولين عددا وأثرا، وأعظم معجزاته هي القرآن الكريم، وهو المعجزة الخالدة الباقية ما دامت الدنيا شاهدة على صدق نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم، ومن أمور النبي صلى الله عليه وسلم المعجزة أن شاة مشوية نطقت لتخبره أنها مسمومة حتى لا يأكل منها فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن يهودية بخيبر أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصليّة سمّتها، فأكل وأكل القوم، فقال صلى الله عليه وسلم “ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة” فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إلى اليهودية “ما حملكى على الذي صنعتى؟ قالت إن كنت نبيّا لم يضرك الذي صنعت، وإن كنت ملكا أرحت الناس منك، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت لأنها قتلت البراء، في أحداث كثيرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيستجاب له فورا.

 

على نحو يثبت مدى صدق ما يتكلم به، ومن ذلك ما روي عن عبدالله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى قريش استعصوا عليه، فقال “اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف” أي بمثل السنين العجاف التي ابتلي بها قوم يوسف عليه السلام، فأخذتهم السّنة أي الجفاف والقحط، حتى حصت كل شيء، حتى أكلوا العظام والجلود والميتة، فأتاه أبو سفيان فقال أي محمد، إن قومك قد هلكوا فادع الله أن يكشف عنهم، فدعا فانكشف عنهم العذاب، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال أصابت الناس سنة أي جفاف وقحط على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة، قام أعرابي فقال يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال فادعوا الله لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة أي سحابا، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم.

 

فمُطرنا يومنا ذلك ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى” وقام ذلك الأعرابي فقال يا رسول الله، تهدّم البناء، وغرق المال فادع الله لنا، فرفع يديه فقال “اللهم حوالينا ولا علينا” فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة أي مثل فرجة في وسط السحاب وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدّث بالجود أي المطر الغزير”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى