مقال

الدكروري يكتب عن محاسن العادات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن محاسن العادات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد دعانا القرآن الكريم في معظم آياته البينات إلى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، فمنه نتعلم الرحمة، والصدق، والعدل، والسماحة، والأمانة، والوفاء بالعهد، وغير ذلك من الأخلاق التي يجب على المسلم أن يتحلى بها، ففي ذلك سعادته في الدنيا والآخرة، وإن حافظ القرآن الكريم ينبغي أن يتميز عن غيره، فينبغي أن يعرف بطهارة لسانه من الغيبة ومن البذاءة، وبنقاء قلبه، وبسمو خلقه في تعامله مع الناس، و باهتمامه بإخوانه المسلمين، ومن هنا يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” ينبغي لحامل القرآن أن فى بليله إذ الناس نائمون، و بنهاره إذ الناس مفطرون، وبحزنه إذ الناس فرحون، وببكائه إذ الناس يضحكون، وبصمته إذ الناس يخلطون، وبخشوعه إذ الناس يختالون، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم، فقالت ” كان خلقه القرآن” وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا محزونا.

 

حليما حكيما سكيتا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ولا غافلا ولا صخابا ولا صياحا ولا حديدا، أي فيه حدة و هي الغضب، وقد قال الفضيل رحمه الله، أن حامل القرآن هو حامل راية الإسلام، فلا ينبغي أن يلغو مع من يلغو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلهو مع من يلهو، تعظيما لله تعالى، كما إن واجبنا نحو القرآن الكريم أنه لا يقف عند تلاوته أو جمعه في الصدور أو حتى تدبره، إنما يتم بالتزام أوامره ونواهيه، بحيث يظهر هذا جليا في أفعالنا وأخلاقنا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فعلى المسلم أن يأتمر بأوامر القرآن الكريم وينتهي عن نواهيه، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” والقرآن الكريم حجة لك أو عليك ” رواه مسلم، فيكون حجة عليك حين تقرؤه فلا يتجاوز آذانك، ولا ينعكس على سلوكياتك وتصرفاتك، فرب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه، وعن سمرة رضى الله عنه قال.

 

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول لأصحابه ” هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قال فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، وإنه قال ذات غداة ” إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق، وإني انطلقت معهما” الحديث وفيه ” فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة فيشدخ به رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر” وفي رواية ” وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل مرة الأولى، قال قلت لهما سبحان الله ما هذان؟ قال قالا لي انطلق” والحديث وفي آخره ” أما الرجل الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة” وفي لفظ ” والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علَّمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار” البخاري.

 

وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقراءته وتعاهده، فعن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” تعاهدوا القرآن، فوالذى نفسى بيده لهو أشد تفصيا من الإبل فى عقلها ” رواه البخاري، فالقرآن الكريم مُكون أساسى من مكونات الشخصية المسلمة، فمنه يستمد المسلم تعاليم دينه وآدابه، فعلى المسلم أن يسعى إلى تعلم قراءته جيدا، وهذا الأمر ليس عسيرا، فإننا نجد من الناس، من يلجأ إلى تعلم اللغات الأجنبية، وتكبد المشاق في سبيل تحصيل ألوان من العلوم للحصول على وظيفة تدر عليه دخلا وفيرا، فكيف بمثل هذا أن يتكاسل عن تعلم كلام الله تعالى متعللا بصعوبة قراءته ولقد وعدنا الحق سبحانه وتعالى أن ييسر كتابه علينا قراءة وتعبدا، فقال الله تعالى فى سورة القمر ” ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ” فيجب علينا أن نتدبر آياته وكأنه يتنزل على قارئه.

 

فإن واجبنا نحو القرآن الكريم لا يتوقف عند حد التلاوة فحسب، بل علينا أن نتدبره حتى نتذوق حلاوته ونستشعر عظمته، فهل نتدبر القرآن كما نتدبر الفيس بوك وتويتر والواتس آب والمسلسل العربي والهندي والتركي واللبناني والفيلم بجميع أنواعه والمباريات وغيرها، أم هل أنزل الله القرآن ليقرأ على الأموات في القبور؟ هل أنزل الله القرآن ليوضع في العلب القطيفة الفخمة الضخمة التي توضع في مؤخرة السيارة، وفى غرف الصالون؟ هل أنزل الله القرآن ليوضع في البراويز الفضية والذهبية ويعلق على الجدران والحوائط؟ هل أنزل الله القرآن ليحلى به النساء صدورهن في مصاحف صغيرة؟ هل أنزل الله القرآن ليهديه الحكام والزعماء إلى بعضهم البعض، فإن من أعظم حقوق القرآن على الأمة التي أنزل الله على نبيها القرآن آن تقرأ القرآن بتدبر بتفهم بتعقل فقال الله تعالى فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ” أي قد أغلق على ما فيها من الشر، وأقفلت فلا يدخلها خير أبدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى