مقال

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 10 “

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 10 ”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع الإحسان إلى الخلق، وقيل أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ادخار اللحوم بعد ثلاث مراعاة لحق المحتاجين، أي إذا ضحّيت بأضحية قبيل العيد الكبير وهو عيد الأضحى فينبغي أن تأكل من هذه الأضحية كما رسم النبي عليه الصلاة و السلام ثلاثة أيام وأن تنفق الباقي للفقراء والمحتاجين، أما أن تخزنها إلى أشهر طويلة وأن تجعلها في حرز حريز من التفسخ والفساد وأن تبقي الفقراء في جوع شديد فلا، فإن هذه الأضحية كل منها ما شئت في أيام ثلاثة، إذا لم يكن هناك ثلاجات تحفظها إلى أشهر طويلة، كل منها ثلاثة أيام والباقي أطعِمه للفقراء، وهذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب كان له قول شهير فيقول “إني حريص ألا أرى حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا ببعض”

 

فإن من لا يرحم لا يُرحم، فإذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي، والمؤمن لو أنه صلى، ولو أنه صام، ولو أنه أدى العبادات، إذا كان ينطوي على قلب قاسى لا يعنيه أمر المسلمين، لا يعنيه أمر الفقراء و المساكين، و الله ما آمن كما قال عليه الصلاة و السلام نفى عنه كمال الإيمان ” والله ما آمن والله ما آمن والله ما آمن من بات شبعان، وجاره إلى جانبه جائع، وهو يعلم” فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال” إني حريص ألا أرى حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا بعضا ” وقصته معروفة حينما جاءه عامله من أذربيجان و كانت ولاية تابعة له وأذربيجان الآن في الشمال في الاتحاد السوفييتي ، كانت ولاية تابعة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب جاءه رسول أذربيجان.

 

يحمل له هدية من عامله على أذربيجان، فقال له عمر رضى الله عنه ما الذي جاء بك إلينا ؟ قال هدية بعثها إليك عاملك على أذربيجان، قال افتحها، فإذا هي طعام نفيس، أكل منها عمر رضى الله عنه لقمة فأعجبته، فقال يا هذا هل يأكل عندكم عامة المسلمين هذا الطعام ؟ قال لا، هذا طعام الخاصة، فقال عمر رضي الله عنه، قل لصاحبك أن يأكل مما يأكل منه عامة المسلمين، فكيف يعنيه ما يعنيهم إن لم يأكل ما يأكلون ؟ لا حاجة لي بها، خذها وأطعمها فقراء المدينة، وحرام على بطن عمر أن يذوق طعاما لا يطعمه فقراء المسلمين، وكان يقول عمر رضى الله عنه ” قرقر أيها البطن أو لا تقرقر، فوالله لن تذوق اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين”

 

هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا ينبغي أن يكون وهذا الإسلام لهم ولنا ، فإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، الله عز وجل يحبنا جميعا إذا تعاطفنا وإذا تناصحنا، وإذا تواصلنا، وإذا وسع بعضنا بعضا، وإذا أكرم بعضنا بعضا، فإن الله في عليائه خالق السموات والأرض، بيننا وبين بعض المجرات ستة عشر ألف مليون سنة ضوئية، خالق هذا الكون، الأرض كضبابة في فضاء، خالق السموات والأرض، خالق الكون، يطلب منك أن تقرضه، ولكن ما قولك ؟ وما إقراضُك له ؟ وهو أن تفعل عملا صالحا مع إنسان من عباده كائنا من كان، فإن الخلق كلهم عيال الرحمن وأحبهم إلى الله أنفعهم لعباده، إذا فعلت معروفا مع إنسان مسلم كان أو غير مسلم.

 

أو مع حيوان أو مع مخلوق أو مع نبات، فهذا قرض حسن تقرضه لله عز وجل، و سوف يؤديه لك أضعافا مضاعفة، وإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حينما سأل بعض الولاة قال ماذا تفعل إذا جاء الناس بسارق أو ناهـب ؟ فقال أقطع يده، فقال فإذن من جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، فإن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإذا وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، وهكذا يقول عمر رضي الله عنه ” إني حريص ألا أرى حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا ببعض، فإذا عجزنا عن ذلك تآسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف ” وبعض الفقهاء الكبار يقول إن الله فرض على أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى