مقال

الدكروري يكتب عن معاني القيم الإسلامية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن معاني القيم الإسلامية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أسباب الثبات على الدين الحق، هو الاستقامة على ما علم منه بالعمل به بالتقرب إلى الله تعالى بأداء ما افترض الله عليه، والبعد عما نهاه الله عنه وترك الركون إلى الظالمين والفاسقين وترك ما اشتبه عليه حكمه والاستكثار من النوافل، والتوبة إلى الله تعالى من الخطيئة، وإتباع السيئات بالحسنات، وإن معنى القيم الإسلامية، هى جمع قيمة، وعرفها ابن منظور بأنها ثمن الشيء بالتقويم، وأطلق على ثمن الشيء قيمة لأنه يقوم مقام الشيء، إذ تقول العرب كم قامت ناقتك، أي كم بلغت، وقيل القيم مصدر بمعنى الاستقامة، كما جاء في قول الله تعالى ” دينا قيما” أي دينا مستقيما لا عوج فيه، والقيم أيضا بمعنى الفضائل الدينية، والاجتماعية، والأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع، وعلم القيم، أي العلم الذي يشمل الفضائل، وخاصة القيم الأخلاقية، والقيم الإسلامية اصطلاحا هى تعرف بأنها مجموعة من الأحكام والمعايير الناجمة عن تصوارت الإسلام.

 

للكون والإله والإنسان والحياة، والتي تتكون نتيجة تفاعل الفرد والمجتمع مع الخبرات والمواقف الحياتية المختلفة، وبها يتمكن الفرد من تحديد أهدافه وتوجهاته التي تتجسد بسلوكه العملي بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة، وتقارب مفهوم الأخلاق بالقيم خلاصة القول في هذه المسألة هو أن بعض المحققين يرى أنه من الصعب إيجاد فرق بين القيم والأخلاق على اعتبار أن الأخلاق تتصل بكافة الجوانب المسلكية في حياة الإنسان، وهذا لا يمنع من الإشارة إلى أن الأخلاق تدخل في مفهوم القيم على اعتبار أن دلالة القيم أوسع من الأخلاق، إذ يمكن النظر إلى القيم على أنها أساس لكل فعل خُلقي، وقد تناول علماء الأخلاق وعلماء التربية مسألة العلاقة بين القيم والأخلاق بشكل مستفيض، ويتمحور موضوع الأخلاق حول عمل الفرد ونشاطه، وعلاقته بربه، وعلاقته مع نفسه ومع الناس ومع ما يحيط به من الجماد والحيوان، وتتفرع الأخلاق إلى نوعين أساسيين.

 

فالنوع الأول وهو الأخلاق الحسنة، كالصدق، والشجاعة، والكرم، والعفة، والفضيلة، وكل عمل يدل على حسن الأدب، والنوع الثاني وهو الأخلاق السيئة كالكذب، والبخل، والجبن، والرذيلة، والخسّة، وكل عمل يدل على سوء الأدب، ويعد البحث في منظومة القيم الإسلامية من المواضيع الواسعة المتشعبة، إذ إن الإسلام دين القيم، وكانت القراءة أول قيمة دعت إليها رسالة الإسلام، حيث قال الله تعالى “إقرأباسم ربك الذى خلق” كما تكونت العديد من القيم الإسلامية خلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان التوحيد من أول القيم التي جاء بها الإسلام وغرسها في النفوس فصارت هذه القيمة العظيمة رابطا يلتقي عليه المؤمنون، ويتواصلون مع الناس من حولهم على أساسه، ثم سرعان ما رسخ الإسلام قيمة المساواة بين البشر، هذه القيمة التي ترفض التمييز بينهم إلا على أساس التقوى والقرب من الله، ولقد تميزت القيم الإسلامية.

 

بمجموعة من الخصائص، وهى بأنها صادرة من التشريع الإسلامي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فهما مصدر البحث لكل قيمة من القيم الإسلامية، وأنها مبنية على أحكام الشريعة الإسلامية، فالقيم الإسلامية ترد على صورة أمر أو نهي، وبذلك فإن القيم تضبط الفرد تاركة له مساحة من الاختيار، وهى أيضا شاملة متكاملة بمعنى أن القيم تشمل توجهات الإنسان وكافة شؤونه، ولا تقتصر على أموره الخاصة بالحياة الدنيا، وإنما تشمل الحياة الآخرة كذلك، بالإضافة إلى شمولها للمجتمع بأكمله، وعلاقة كل فرد بمجتمعه، وبذلك فإن القيم الإسلامية تقود المسلم إلى الطريق الصحيح في تحديد أهدافه وغاياته، وهى قائمة على مبدأ توحيد الله تعالى، فالتوحيد هو المحور الجامع الذي تلتقي حوله كل اتجاهات المسلم وسلوكياته، وبأنها عامة لكل زمان ومكان، ومستمرة عبر العصور، وبأنها مرنة وثابتة في الوقت ذاته.

 

بمعنى أن الأمور التي تستند لنصوص قطعية الثبوت، كالقيم التي تكون في أصل العقيدة والعبادة وكذلك المتعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا مجال للاجتهاد أو التغيير فيها، أما القيم التي تم استنباطها بدلالة ظنيّة لا صريحة؛ فيمكن الاجتهاد فيها بحسب الزمان والظروف المُستجدّة، وبذلك تمتاز بأنها مرنة تقبل التغييرات بما يتماشى مع تغير الأحوال في المجتمع الإسلامي، وبأنها وسطية، فقد حافظ الإسلام على قيم العرب الحسنة وأضاف إليها، وقد جمعت قيم الإسلام بين الرحمة والقوة، وبين اللين والشدة، كما أنها حقّقت التوازن في حياة الفرد والمجتمع كافة، وهي بذلك توافق فطرة الإنسان التي فطر الله الناس عليها، فتراعي متطلبات الجسد وأشواق الروح دون طغيان جانب على آخر، ومما يؤيد ذلك قوله تعالى

 

“وابتغى فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغى الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين” فهى مرتبطة برضا الله تعالى، وما يترتب على ذلك من جزاء في الدنيا والآخرة، وكذلك فإنها قائمة على التنمية والتوجيه والتربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى