مقال

الدكروري يكتب عن الأسس التي يقوم عليها البيت المسلم 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأسس التي يقوم عليها البيت المسلم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحب هو العلاقة التي تربط الإنسان بالناس من حوله، وهو أيضا ما يساعد على تعاون الناس مع بعضهم البعض عن طريق تقبله لبعضهم البعض وهو العلاقة التي تشكل الأساس الذي تنطلق منها كافة العلاقات في العالم، فمن كره شخصا لم يستطع التفاعل معه نهائيا، لهذا فالحب أو على الأقل تقبل الآخر وعدم كرهه، حتى ولو يكن هناك حب متبادل، قد يبقي العلاقة بين الناس على بر الأمان وفي ظل الصراعات المريرة التي تشهدها البشرية في العصر الحديث فمن الواضح أن الحل هو في حب الإنسان لأخيه الإنسان، وهذا الحب يجب أن ينطلق من منطلق واسع يسع الجميع ويدخل الكل في بوتقة واحدة، بغض النظر عن العرق والجنس واللغة والدين وكل هذه المميزات والمحددات التي تحدد البشر جميعا، إذ يجب على كل البشر أن يدركوا تمام الإدراك أنهم أخوة لبعضهم البعض، فمن الواضح أن الإنسان إن أدرك هذا الأمر.

 

سيعمل قدر الإمكان على أن يحب الآخرين، فالأخوة يختلفون ولكنهم لا يتكارهون، كما ويتوجب أن يعي الجميع ضرورة إبعاد العنصريين عن الواجهة، وأن يحاولوا تقزيمهم واحتقارهم حتى لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، وإن من الأسس التي يقوم عليها البيت المسلم والأسرة المسلمة هو أداء الحقوق، وأن يعرف كل واحد ما عليه، وما هو له، وقد أمر الإسلام الأزواج بحسن معاملة زوجاتهم، فقال تعالى فى سورة النساء ” وعاشروهن بالمعروف ” ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم” بل جعل الإسلام حسن معاملة الزوج لأهله من أمارات مروءته وخيريته، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” وكذلك أمر الإسلام الزوجات بحسن عشرة أزواجهن، وجعل أداء المرأة حق ربها متوقفا على أداء حق زوجها، فقال صلى الله عليه وسلم.

 

“فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب، لم تمنعه” ولا شك أن كلا من الزوجين إذا التزم بهذه التوجيهات، تحقق للأسرة المسلمة الاستقرار والأمن والطمأنينة، ويؤكد الإسلام على حسن تربية الأولاد، وتنشئتهم نشأة إسلامية صحيحة، وتبدأ مسؤولية الرجل والمرأة تجاه أولادهما منذ اللحظة الأولى التي يتجه فيها تفكيرهما إلى إنشاء بيت وتكوين أسرة، إذ إن عليهما أن يحسنا انتقاء واختيار من سيكون أبا أو أمّا لأطفالهما، ثم بعد أن يأتي المولود إلى هذه الدنيا، فيكون الواجب عليهما تعليم الأولاد، وحسن تأديبهم، فعلى كل أب وأم أن يبثا في نفوس أولادهما عقيدة التوحيد، ويغرسا في أذهانهم مبادئ الإسلام منذ نعومة أظفارهم، وعليهما أن يحرصا على تعويدهم أداء العبادات، فيقول صلى الله عليه وسلم.

 

“مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع” وقد كان سلف هذه الأمة يحرصون على تعويد أطفالهم حب الدين، ويغرسون في نفوسهم معاني التضحية والفداء من خلال تعليمهم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقصص الأنبياء عليهم السلام، بما فيها من مواقف عظيمة، وتضحيات جسيمة، لها أثرها القوي في تنشئة الطفل المسلم، وتكوين شخصيته، كما يجب أن يتأكد الوالدان من حضور أطفالهما مجالس العلم، والخير لينهلوا من معينها، ويتربوا على الفضيلة والكرم، فالأولاد غرس الآباء، وثمرات أفئدتهم، فإن كان الوالد حريصا على رعاية غرسه، وتعاهده وحمايته من الآفات التي قد تفسده أو تهلكه، فإنه يكون غرسا صالحا ومثمرا نافعا، وإن أهمله وتركه ولم يعطه حقه من الرعاية والعناية، فإن مصيره في الغالب هو الهلاك والبوار، فيشقى بنفسه ويشقي والديه ومجتمعه من حوله.

 

لذلك علينا التمسك والالتزام بالمبادئ والأسس المتينة في بناء الأسرة، حتى تنهض أمتنا وتستعيد مكانتها ودورها، ولكن كيف نبني الحضارة؟ فقيل أن القراءة هى معيارا لتصنيف الشعوب إلى مراتب حضارية، بحيث يكون الشعب الأكثر قراءة هو الأكثر تحضرا، والأقل قراءة هو الأدنى تحضرا، وأول كلمة في القرآن هي اقرأ، وفي نفس السورة سورة العلقن يصادفنا قوله تعالى ” علم بالقلم” والكلمة هي المعادل الرمزي للنطق، والقلم هو المعادل الرمزي للكتابة، وأما القراءة، فهي رمز المعرفة، والعلم هو القدرة على التسخير، والحضارة تعني قيام الإنسان الفعال وما يربط بين كل هذه المراحل قيمة عُليا نسميها العمل، وهو على نوعين العمل الفكري والعمل المادي، فبالعمل أوجد الإنسان الكلمة، وبه أصبحت حرفا، وبه صارت صوتا، فأوجد القراءة التي تحولت بالعمل لعلم، وبعمل العلماء تكتمل الحضارة.

 

وإن الأصل الثابت للشجرة هي جذورها المتشرجة في الأرض، أما الكلمة، فهي الصورة الذهنية المتشرجة في النفس والعقل، لذلك قالوا كل إناء بما فيه ينضح، فالكلام الطيب علامات النفس الطيبة، والكلام الخبيث للنفس الخبيثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى