مقال

الدكروري يكتب عن الصدقة وإنشراح الصدر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصدقة وإنشراح الصدر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المؤمن الحق كيس فطن، ذكي زكي، موفق معان، ولذلك يحرص على فعل الخير، ويسارع إليه، ويتحرى أهله، ويحضر مكانه، ويرتقب زمانه، فإذا شهد مناسبته، أو عرض له سببه، أو دعي إليه سبق إليه مجيبا لداعيه، ففعل ما استطاع منه، واعتذر عما عجز عنه، ورجا من الله ثواب الاثنين بفضله ورحمته، وأن الصدقة متى ما اجتمعت مع الصيام واتباع الجنازة وعيادة المريض في يوم واحد، إلا أوجب ذلك لصاحبه الجنة كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر أنا، قال ” فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا، قال ” فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة” رواه مسلم.

 

وأن فيها انشراح الصدر، وراحة القلب وطمأنينته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جُبّتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما، فأما المنفق فلا ينفق إلا اتسعت على جلده حتى يخفى أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها ولا تتسع” رواه البخارى ومسلم، فالمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه، وانفسح بها صدره، فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه، فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح، وقوى فرحه، وعظم سروره، ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها، لكان كافية للعبد بالاستكثار منها والمبادرة إليها، وأن النبى صلى الله عليه وسلم جعل الغنى مع الإنفاق بمنزلة القرآن مع القيام به وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم.

 

” لا حسد إلا في اثنين رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل والنهار” رواه البخارى، وأن الصدقة مطهرة للمال، تخلصه من الدخن الذى يصيبه من جراء اللغو، والحلف، والكذب، والغفلة فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يوصي التجار بقوله ” يا معشر التجار، إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة” رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، وإن من أفضل الصدقات، هى الصدقة الخفية لأنها أقرب إلى الإخلاص من المعلنة، والصدقة في حال الصحة والقوة أفضل من الوصية بعد الموت أو حال المرض والاحتضار، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ” أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا” رواه البخاري ومسلم.

 

وإن بعض الناس لا تجود نفسه بمال ولا يقبل أن ينفق، حتى إذا أصاب ذلك المسكين داء عضال ومرض فتاك وعاين الموت، بدأ ينفق ماله يمنة ويسرة، بعدما ذهبت نضرة الشباب وبهجة الدنيا، فشتان شتان بين هذا وذاك، وأيضا بذل الإنسان ما يستطيعه ويطيقه مع القلة والحاجة، لقوله صلى الله عليه وسلم ” أفضل الصدقة جهد المقل، وابدأ بمن تعول” رواه أبو داود، فيا أيها المسلمون يقول تعالى فى سورة البقرة ” الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم” وقد يقول قائل أنا لا أملك إلا ما أقتات أنا وأهلي وعيالى، فقال صلى الله عليه وسلم ” سبق درهم مائة ألف درهم” قالوا وكيف؟ قال ” كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها” رواه النسائى.

 

وإن من أفضل الصدقات هو الإنفاق على الأولاد، كما فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “الرجل إذا أنفق النفقة على أهله يحتسبها كانت له صدقة” رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم ” أربعة دنانير، دينار أعطيته مسكينا، ودينار أعطيته في رقبة، ودينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته على أهلك، أفضلها الدينار الذي أنفقته على أهلك” رواه مسلم، وأيضا من أفضل الصدقات هى الصدقة على القريب، فكان أبو طلحة أكثر أنصارى بالمدينة مالا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس رضي الله عنه فلما أنزلت هذه الآية من سورة آل عمران ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم ” قام أبو طلحة رضي الله عنه.

 

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن الله يقول في كتابه” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم ” وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بخ بخ مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين” فقال أبو طلحة ” أفعل يا رسول، فقسّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه” رواه البخارى ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى