مقال

الدكروري يكتب عن به تطمئن القلوب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن به تطمئن القلوب

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن البعد عن كتاب الله عز وجل الذي هو أكبر مؤثر يريح النفوس، وتطمئن به القلوب لما فيه من عظات وعبر، ووعد ووعيد، وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يعطي حديثا لكل حادثة، ويجعل لكل حالة مخرجا، وليس هذا المفهوم منا معاشر المسلمين الذين نجد العلاج ماثلا قولا وعملا فقط، ولكن رجال الغرب المهتمين بالنفس البشرية، وما تعانيه في مجتمعاتهم في قرننا الحاضر من قلق واضطراب، وأزمات عديدة، قد جاءت دراسات منهم تقول إن المسلمين لا يعرفون الانتحار المنتشر في بلاد الغرب، وإن المسلمين لا يعيشون الاضطرابات المتعددة التي وقع فيها أبناء الغرب، وبعضهم يطلق على أجيال ما بعد الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية أجيال القلق والضياع الفكري، ولما كان المال من أعز ما يملك الإنسان.

 

وهو الذي يسيّر الحياة في المجتمعات، فإن سبل الخوف عليه ساقت عبّاده اليهود ومن يشايعهم إلى ابتكار أساليب للمحافظة عليه وكنزه، وكان مما فرضوه على المجتمعات التي يعيشون فيها الربا، وهو زيادة المال بدون جهد، فلا يحصل النفع من المال بالتداول، ولا يزداد الفقير، إلا فقرا وحقدا على الغني، الذي تتضاعف أرباحه بجهد هذا الفقير، ومن هنا جاء تشديد الإسلام في الربا، واعتباره محاربة لله، ومن ذا الذي يستطيع محاربة الله، ومحاربة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قرن الإيمان، وطمأنينة القلب على النفس، وعلى المال، بترك هذا الربا، وطرقه المتعددة، التي أخبر صلى الله عليه وسلم بأنها ثمانون بابا، أدناها أن ينكح الرجل أمه علانية، وهي كلها أمور مخيفة، تبعث القلق والقشعريرة في الإنسان وحواسه، ومن ذا الذي يجابه ربه.

 

ويعاند رسوله في حرب معلنة، وحتى يرتاح المدين وتطمئن نفسه إلى وجود قلوب رحيمة ترق له، وتهتم به، ولا تقسو عليه، وتراعي حالته التي حلت به، من عسر أو فقر أو كارثة، فقد أمر الله صاحب المال بمراعاة الموقف، وطمأنة إخوانه المسلمين، وعدم التضييق عليهم في المطالبة فقال تعالى موجها لهذا الأمر “وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون” ويقول صلى الله عليه وسلم في حكاية الرجل الذي كان له ديون على الناس، فكان يرسل غلمانه فيقول لهم إذا رأيتم المعسر فتجاوزوا عنه لعله الله أن يتجاوز عنا، فلقي الله وقد تجاوز عنه، وبعكس ذلك، فقد اعتبر النبى صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم، لأنه قادر على الوفاء ويمنع الناس حقوقهم الواجبة، وآيات الربا التي نزلت في تحريمه في سورة البقرة.

 

وتأكيدات رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، وفي توضيحاته لأنواع الرباء، كل هذا من أجل تكوين مجتمع صالح، ومتماسك، لا يتسلط فيه قوي على ضعيف، أو يستغله من أجل ضعفه، ولا يكنز صاحب مال ماله لمنفعته الخاصة، أو لتحكم في قوت خلق الله عز وجل، بل لابد أن يعمل فيه ما يسعد المجتمع، ويحقق الرخاء والنماء فيه، وليفتح مجالات العمل لفئات عديدة من البشر، هم في حاجة إليه ليقتاتوا بعمل شريف، وجهد حلال، وحتى لا يترك أمر البيع أو الشراء بدون قيود، أو التدابير بدون محافظة، وقد نظم القرآن الكريم كما في آية الدين في آخر سورة البقرة، ما يجعل صاحب المال متوثقا على ماله، مطمئنا على حقه بأنه سوف يأتي إليه عند حلول أجله، وقد نظم القرآن الكريم كما في آية الدين في آخر سورة البقرة.

 

ما يجعل صاحب المال متوثقا على ماله، مطمئنا على حقه بأنه سوف يأتي إليه عند حلول أجله، فيحصل بذلك النفع للأخذ والمعطى، واطمئنان كل منهما على الذي له والذي عليه، وهذا ما يتحقق أمنا اقتصاديا، لأنهم يقولون رأس المال جبان، لا يتحرك إلا في الأمن والطمأنينة، وإن الاعتماد على الله، وحسن التوكل عليه، مدخل إيماني قوي للنفوس ومبعث على الاطمئنان والراحة، كما في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما، قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال “يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى