مقال

الدكروري يكتب عن صنائع المعروف

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صنائع المعروف

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء” رواه الترمذي، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” رواه الترمذي أيضا، وصنائع المعروف هي الإحسان إلى عباد الله بعمل المعروف، من قرض حسن، أو بر، أو هدية، أو صدقة، أو إعانة على قضاء حاجة، من شفاعة، أو تحمل دين، أو بعضه، أو غير ذلك من وجوه الإحسان، وقد قال الإمام القرطبي رحمه الله، دخل ذمي أى رجل من غير المسلمين على إسماعيل بن إسحاق القاضي فأكرمه، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك، فتلا هذه الآية عليهم ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين”

 

وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال “نعم، صلي أمك ” رواه البخاري ومسلم، وقال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله، فى قولها وهي راغبة، أي طالبة في بر ابنتها لها، خائفة من ردها إياها خائبة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له “أسلم” فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول “الحمد لله الذي أنقذه من النار” رواه البخاري، وعن مجاهد بن جبر قال كنت عند عبدالله بن عمرو بن العاص وغلامه يسلخ شاة.

 

فقال يا غلام، إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي، فقال رجل من القوم اليهودي، أصلحك الله؟ قال إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار، حتى خشينا أو رُئينا أنه سيورثه” فإن مواساة المصابين والتخيف عن المنكوبين والمبتلين دليل على إيمان العبد وحسن فهمه لمباديء الإسلام القويمة, وللقرآن الكريم منهج خاص في مواساته للمبتلين والمصابين وهذا المنهج الخاص يقوم على أسس ودعائم منها أن الدنيا دار اختبار وابتلاء فالدنيا كما وصفها الله تعالى بأنها دار اختبار وابتلاء , فقال الله تعالى فى سورة الملك ” الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور” وقد وصفها الله تعالى أيضا بأنها دار لهو ولعب وأن نعيمها لا يدوم والراحة فيها ليست بباقية فقال سبحانه وتعالى فى سورة العنكبوت ” وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون”

 

ولقد وصفها المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه سجن للمؤمن والمسجون يتشوق إلى التحرر من السجن، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر” رواه مسلم واحمد والترمذى، والعاقل هو من يؤثر ما يبقى على ما يفنى، ولقد أمرنا الله تعالى بالصبر وحثنا عليه لكي يكون مسلاة لنا عند المصائب والشدائد، فقال تعالى الله تعالى فى سورة البقرة ” استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين” بل وقرن الصبر بفضائل الأعمال ومكارم الأخلاق فقرنه بالتسبيح والاستغفار، وقرنه باليقين، وقرنه بالتوكل، وكما ربطه الله تعالى بالشكر، وربطه بالتقوى، وربطه كذلك بالحق، وربطه بالرحمة، وكذا ربطه بالجهاد في سبيل الله تعالى، والصابرون هم من أعظم الناس جزاء, ومن أكثرهم سعادة يوم القيامة فقال الله تعالى ” إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”

 

وكما أمرنا الله تعالى بالصبر مواساة لكل مصاب ودفعا للشك واليأس عن كل قلب متكبر مرتاب فقد بشر الله تعالى الصابرين بحسن الجزاء وجزيل العطاء, فقال أهل التفسير بأن الصلاة من الله هى المغفرة ، وقال ذلك ابن عباس رضى الله عنهما أو الثناء، وقال ذلك ابن كيسان، أو الغفران والثناء الحسن، والرحمة قيل هي الصلوات، وكررت تأكيدا لما اختلف اللفظ، كقوله “رأفة ورحمة” وقيل الرحمة هى كشف الكربة وقضاء الحاجة، وقال عبدالله بن أبي حدرد لما قدمنا مع عمر بن الخطاب الجابية وهو مكان، إذا هو بشيخ من أهل الذمة يستطعم، فسأل عنه فقلنا يا أمير المؤمنين، هذا رجل من أهل الذمة كبر وضعف، فوضع عنه عمر الجزية التي في رقبته، وقال كلفتموه الجزية حتى إذا ضعف تركتموه يستطعم، فأجرى عليه من بيت المال عشرة دراهم، وكان له عيال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى