مقال

الدكروري يكتب عن الصحابي طاهر بن أبي هالة 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصحابي طاهر بن أبي هالة

 

بقلم محمد الدكروري

 

لقد كان أول أمهات المؤمنين هي السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وكونها عاصرت النبي صلى الله عليه وسلم في الفترة المكية، تلك الحقبة التي كانت الفئة المؤمنة فيها قليلة، والظروف التي عايشتها صعبة في بداية الإسلام، فلم تُحفظ كثير من تفاصيل حياتها إلا ما اشتهر منها، وخصوصا الفترة ما قبل زواجها من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نسبت المصادر التاريخية للسيدة خديجةَ رضي الله عنها سبعة أبناء، وإن لم يُذكروا مجتمعين، وأن الذين ثبتت نسبتهم للسيدة خديجة رضي الله عنها وعاشوا وأدركوا الإسلام هما اثنان، هند بنت عتيق من زوجها الأول، وهند بن أبي هالة من زوجها الثاني، ولقد نشأت السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها، فتاة حميدة متدينة، كريمة الأخلاق، وكانت مسماة لابن عمها ورقة بن نوفل، وكان إمرأ قد تنصّر في الجاهلية، لكن لم يُقدّر بينهما زواج، ويبدو من سيرة السيدة خديجة رضي الله عنها أنها تزوجت صغيرة، كعادة بنات قومها، فلما بلغت سن الزواج، تزوجت من عتيق بن عائذ بن عبدالله بن عمر المخزومي، و بعد موت عتيق فقد تزوجت السيدة خديجة رضي الله عنها بأبي هالة هند بن زرارة التميمي، وكان اسم أبي هالة هو، هند بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن غوي بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم، وقد قدم أبو هالة هو وأخوه عوف وأنيس، فحالفوا بني عبدالدار بن قصي بن كلاب، وأقاموا معه بمكة، وليس كونهم حلفاء يغض من مكانتهم، بل إن الحليف قد تبلغ مكانته أن يكون زعيما على حلفائه كما هو حال الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة وزعيمها، ولذلك حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف أرسل إليه ليجيره ليتمكن من دخول مكة، فرفض وتعلل بأنه حليف، أي ليس أصيلا صريحا في مكة، واعتذر بأن الحليف لا يجير، ومن المؤكد أن الحليف يجير ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم وأعرف بعادات قومه وأعرافهم، وقد أجار ابن الدغنة أبا بكر الصديق رضي الله عنه وكان حليفا لبني زهرة كذلك، ولكن الأخنس أراد التنصل والاعتذار بأدب، وإلا فإن للحليف أن يجير، فكون آل النباش حلفاء لم يغض ذلك من مكانتهم، وكان يقال في الجاهلية والله لأنت أعز من آل النباش بن زرارة، وأشار بيده إلى دور حول المسجد، فقال هذه كانت رباعهم، وقرب الدور من المسجد يدل على العز والجاه والثراء، فلعل السيدة خديجة رضي الله عنها سكنت في إحداها بعد زواجها من هند بن زرارة بن النباش التميمي، وقد ورثتها بعده كما ورثت من أمواله، وتزوج أبو هالة من السيدة خديجة بنت خويلد، فولدت له، هند، وهالة، وهما رجلين، فمات هالة، وأدرك هند الإسلام فأسلم، وهو ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول أنا أكرم الناس أبا وأمّا، وأخا وأختا، فيقول أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمي خديجة، وأختي فاطمة، وأخي القاسم، رضي الله عنهم أجمعين، وكان هند بن أبي هالة فصيحا بليغا وصّافا، وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن وأتقن، وكان الحسن بن علي بن أبي طالب يحدث عنه يقول “حدثني خالي هند بن أبي هالة” وقد شهد هند بن أبي هالة بدرا، وقيل بل شهد أحدا، وقتل هند بن أبي هالة مع الإمام عليّ بن أبى طالب يوم الجمل، وقيل أنه كان لهند ابن اسمه هند أيضا، قال ابن عبدالبر عن رجل من بني تميم، قال “رأيت هند بن هند بن أبي هالة بالبصرة، وعليه حلة خضراء من غير قميص، فمات في الطاعون، فخرجوا به بين أربعة لشغل الناس بموتاهم، فصاحت امرأة، واهند بن هنداه، وابن ربيب رسول الله، فازدحم الناس على جنازته، وتركوا موتاهم” ثم انقرضوا فلم يبقَ منهم أحدا، ومن لم تثبت نسبتهم للسيدة خديجة رضي الله عنهم أو توفوا صغارا من الزواج الثاني، وتذكر المصادر أيضا أن للسيدة خديجة رضي الله عنها أبناء من أبي هالة منهم هالة بن أبي هالة التميمي، والحارث بن أبي هالة، والطاهر بن أبي هالة، وزينب بنت أبي هالة، وأما هالة بن أبي هالة التميمي فقيل أنه مات، وقال آخرون أنه عاش وله صحبة، وعن تميم عن أبيه زيد بن هالة عن أبيه هالة بن أبي هالة أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو راقد فاستيقظ، فضم هالة إلى صدره، وقال هالة، هالة، هالة” وعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت، قدم ابن لخديجة يقال له هالة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائل، فسمع في قائلته هالة، فانتبه، فقال هالة، هالة” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة، فارتاع وفي لفظ مسلم، فارتاح لذلك، فقال اللهم هالة، قالت فغِرْت، فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرا منها؟ رواه البخاري، ومسلم، وقيل أن هالة هى أخت السيدة خديجة رضى الله عنها، وقيل فى قوله “استأذنت هالة بنت خويلد” وهي أخت السيدة خديجة، وكانت زوج الربيع بن عبدالعزى بن عبدشمس، وهو والد أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد هاجرت إلى المدينة لأن دخولها كان بها، أي بالمدينة، ويحتمل أن تكون دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حيث كانت السيدة عائشة معه في بعض سفراته، وأما الحارث بن أبى هالة فهو ربيب السيدة خديجة رضي الله عنها، وليس ابنا لها، بل هو ابن لزوجها أبي هالة التميمي، وأما الطاهر، فلم يروى خبره إلا سيف بن عمر التميمي، وقيل استخلافه من قِبل النبي صلى الله عليه وسلم على عك، وقيل لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان على مكة وأرضها عتاب بن أسيد والطاهر بن أبي هالة، وكان عتاب على بني كنانة، والطاهر على عك، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” اجعلوا عمالة عك في بني أبيها معد بن عدنان” ومن أخباره هو استخلافه على عمل باذام في اليمن، ومنها حربه المرتدين في الأعلاب وشعره في الأخابث، وهذه الأخبار تنتهي إلى سيف بن عمر، وروى سيف في أوائل الردة، من طريق أبي موسى قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة على مخاليف اليمن، أنا ومعاذ وطاهر بن أبي هالة، وخالد بن سعيد، وعكاشة بن ثور وأمرنا أن نتياسر، وأن نسير ولا نعسر، ونبشر ولا ننفر، وأن إذا قدم معاذ طاوعناه ولم نخالفه ” وأما زينب بنت أبي هالة فقد ذكرها ابن هشام قال وكانت قبله، أي النبي صلى الله عليه وسلم، عند أبي هالة بن مالك وهو أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم حليف بني عبدالدار، فولدت له هند بن أبي هالة وزينب بنت أبي هالة، وأما ابن إسحاق فلم يسمها، فقال فولدت له رجلا وامرأة، وقيل ليس لها ذكر فيما بعد، فلعلها توفيت صغيرة، ويبعد جدا أن تسمي خديجة رضي الله عنها ابنتين لها بنفس الاسم، وكلتاهما على قيد الحياة، فنخلص من ذلك كله أن الذين ثبتت نسبتهم إلى السيدة خديجة رضي الله عنها وعاشوا وأدركوا الإسلام هما اثنان، هند بنت عتيق من زوجها الأول، وهند بن أبي هالة من زوجها الثاني، وأما من ذكر أنه توفي صغير فابن لعتيق، وقيل أن السيدة خديجة كان لها من أبي هالة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم هند وليس غيره من الذكور، فعاش لها رضي الله عنها اثنان، والذين توفوا صغارا اثنان أو ثلاثة، وأضف إلى ذلك الترمّل مرتين، فهذه عواصف شديدة قد مرت بخديجة رضي الله عنها قبل زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، جعلتها امرأة جلدة حازمة صبورة كما وُصفت رضي الله عنها متحملة للمسؤولية منذ الصغر من تربية أيتامها ورعايتهم، وصيانة مالها وتنميته ثم بعد ذلك ما أصابها من وفاة والدها وأخويها في حرب الفجار، وهذه الظروف غرست فيها أخلاق الحنو والرعاية، والتضحية والحماية، مع الاستقلالية والجلد والحزم، وأما الطاهر بن أبي هالة، فقال ابن الأثير رحمه الله طاهر بن أبِي هالة، هو أخو هند بن أبِي هالة الأسيدي التميمي، واسم أبى هالة هو النباش بن زرارة بن وفدان بن حبيب بن سلامة بن غوى بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم، وهو حليف بني عبد الدار بن قصي بن كلاب، وطاهر بن أبى هاله كانت أمه هى السيدة خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله، طاهر بن أبي هالة التميمي الأسدي، هو أخو هند، ربيب النبى صلى الله عليه وسلم، وكان أول من ارتد من أزد تهامة عكّ، فصار إليهم الطاهر فغلبهم، وأمنت الطرق، وسمّوا الأخابث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى