مقال

الدكروري يكتب عن الحيل الشرعية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحيل الشرعية

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إن كل إنسان يحتال على الحرام فإنه واقع في الحرام نفسه وهو لا يشعر، فإن الله تعالي هو الذي حرم هذا الشيء وهو يراك، فهذا باب الحيل الشرعية والاسم الأصح الحيل غير الشرعية، فيقول لك حجاب شرعى لا بل حجاب شارعى، وهذه الحيل غير شرعية، من الحيل الشرعية تسمية الشيء بغير اسمه وتغيير صورته مع بقاء حقيقته، مثلا ليستحل طائفة من أمتى الخمر يسمونها بغير اسمها يأتى على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع، مثلا ماذا يسمي الناس الخمر؟ مشروبات روحية غير القيم الروحية، ماذا يسمون الربا؟ فائدة، ماذا يسمون الفنون الساقطة؟ فن العمل الخليع اسمه فن، والخمر اسمه مشروبات روحية، والربا اسمها فائدة، لو غيرت الاسم الحقيقة ثابتة إذا التحايل على الحرام حرام، وهكذا فإن الحلال والحرام أخطر موضوع على الإطلاق بعد الإيمان بالله فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة الأنعام.

 

” فأى الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون، الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” أى لو أنك آمنت ولم تعرف الحلال والحرام وتلبست بظلم لن تنجو من عذاب الله، فكلكم يعلم أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا، وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه فى أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخاري وأبو داود والترمذى، وقال الله تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين” فإن الصلاة، والصوم، والزكاة، وإذا حج العبد بمال حرام وقال لبيك اللهم لبيك، قال الله له لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك، فإن لذلك أخطر موضوع على الإطلاق بعد الإيمان بالله الحلال والحرام، فإن الحلال طيب والحرام خبيث.

 

فمن قواعد الحلال والحرام أن التحريم متعلق بالخبائث تعلقا علميا، ذلك أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، أنعم عليه بنعمة الوجود أو نعمة الإيجاد، وأنعم عليه بنعمة الإمداد، وأنعم عليه بنعمة الهدى والرشاد، والإنسان ضعيف والله هو القوي، والإنسان جاهل والله هو العالم، لذلك من حق الربوبية أن تأمر هذا العبد بما تشاء بلا سؤال ولا تعليل، ولكن رحمة الله عز وجل، وحكمته، وكماله، جعل أوامره ونواهيه متعلقة بمصالح عباده ومعللة بالخير، أنت إذا كنت ضعيفا أمام قوى وأعطاك أمرا لا تستطيع ولا تجرؤ أن تسأله لماذا أمرتني بهذا الأمر؟ وما الحكمة من ذلك؟ مع إنسان لا قيمة له إطلاقا نفذ ثم اعترض، فأنت مع خالق الأكوان عبد ضعيف، أنعم الله عليه بنعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، له أن يأمرك بحكم ربوبيته، ولك أن تطيع بحكم عبوديتك، ومع ذلك رحمة الله عز وجل.

 

وحكمته وكمالاته اقتضت أن تكون أوامره ونواهيه متعلقة بمصالح خلقه، لذلك قال بعض العلماء أن الشريعة رحمة كلها، مصلحة كلها، عدل كلها، هذا هو المدخل، إذا رأيت أمرا إلهيا فثم المصلحة الإنسانية، إذا رأيت نهيا إلهيا فثم المضرة الإنسانية هذه وإن الفكرة الأولى عند أهل الكتاب بأن هناك تحريم عقابي أما عند المسلمين فالحرام متعلق بالخبائث إلا أنه هناك حالات استثنائية الله سبحانه وتعالى عاقب اليهود بتحريم ما أحلّ لهم، هذه حالة ليست في ديننا، حالة استثنائية، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحوهمهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون” وقيل أن فى بلاد الغرب حينما يأكل بعض هؤلاء عند المسلمين، فإنهم يرون اللحم أزهر اللون، طيب الطعم، لأنهم يقطعون رأس الدابة بآلات حادة سريعة.

 

والدماء تبقى فى الدابة، والأمراض كلها في الدماء، والدم كما تعلمون مجمع فيه كل الأمراض، والآن صدر تشريع بأنه لا يجوز قطع رأس الذبيحة، ويجب أن يخرج دمها عن طريق القلب، وعن طريق الأمر الاستثنائي الذي يأتى عن طريق الدماء، ويجب أن نعلم علم اليقين أن النبي نهانا أن نذبح الذبيحة بقطع رأسها، وقد أمرنا أن نقطع أوداجها فقط، لأن القلب يتلقى أمرا كهربائيا ذاتيا بالضربات النظامية، لكنه يتلقى أمرا استثنائيا عن طريق الدماغ بالضربات الاستثنائية، فلو قطع رأس الذبيحة ظل القلب ينبض النبضات النظامية، وهذا النبض بهذه السرعة لا يكفى لإخراج دم الذبيحة، أما حين يبقى الرأس عالقا، والعصب موصولا، ويأتى أمر استثنائى للقلب، ترفع ضربات القلب إلى المائة والثمانين ضربة فيخرج الدم كله خارج الذبيحة، فإذا اللحم أزهر اللون، طيب الطعم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى