مقال

الدكروري يكتب عن الصحابي عقبة بن عامر الجهني

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصحابي عقبة بن عامر الجهني

 

بقلم محمد الدكروري

 

الصحابى عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن غنم بن ربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجُهني اليماني، وهو أمير، وصحابى وكان كاتبا وشاعرا وفقيها، وقد شهد فتوح الشام، ثم فتوح مصر مع عمرو بن العاص، ثم لحق بمعاوية بن أبي سفيان في صفين، وقد تولي مصر سنة أربعة وأربعين من الهجرة، وقد عزل عنها سنة سبعة وأربعين من الهجرة، وقد تولي غزو البحر، وقد مات هذا الصحابى بمصر، وله من الأحاديث النبوية الشريفة خمس وخمسين حديثا، ودفن في القاهرة ويوجد مسجد عقبة بن عامر، بجوار قبره، وكان عقبة بن عامر من أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم، عند هجرته إلى المدينة المنورة في السنة الأولى للهجرة، وكان عقبة آنذاك شابا صغير السن يرعى غنما لأسرته، فلما سمع بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، انطلق إليه ليبايعه،، ومنذ ذلك اليوم في مطلع السنة الأولى للهجرة أخد عقبة بن عامر مكانه بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتاح له كونه شابا يافعا أن يتقن الكتابة وأن يحفظ ما نزل من القرآن ويستوعب الأحاديث النبوية الشريفة،ويتفقه في الفرائض والفقه والعلوم، وأن يبلغ في ذلك كله ما لم يبلغه أكثر الصحابة، فأصبح عقبة بن عامر من أشهر وأعلم الصحابة، فقال ابن يونس المصري، وكان قارئا عالما بالفرائض والفِقه، وكان عقبة فصيح اللسان، وشاعرا كاتبا، وهو أحد مَن جمع القرآن الكريم، ومصحفه بمصر إلى الآن بخطه، ويعد الصحابي الجليل عقبة بن عامر الجهني هو أول من تصدر للفتوى بمصر، وهو أشهر من أفتى بها من الصحابة، وقيل أنه توفي عام ثمانى وخمسين من الهجرة وبني له مسجد حول مدفنه الذي دفن فيه بشارع عقبة بن عامر خلف مسجد الإمام الليث بن سعد رضى الله عنه، ليعد أول من دفن بقرافة المقطم، وقد تولى إمارة مصر لمدة سنتين وثلاثة أشهر إلى أن صرف عنها، وذكر ابن سعد في الطبقات، أنه عندما بايع عقبة النبي صلى الله عليه وسلم سأله النبي صلى الله عليه وسلم، بيعة عربية تريد أم بيعة هجرة؟ فقال بل بيعة هجرة، فبايعني على الهجرة وأقمت، بخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأخذ بزمام بغلته ويقودها في الأسفار،، وكان عقبة قائدا من قادة الفتح المرموقين وواليا من ولاة الإسلام المعدودين، وقد جعل عقبة همه في أمرين اثنين، هم العلم والجهاد، وانصرف إليهما بروحه وجسده، وبذل لهما من ذاته أسخى البذل وأكرمه، وكان عقبة من أحسن الناس صوتا بالقرآن الكريم، فتصغى لترتيله أفئدة الصحابة الكرام، وتخشع له قلوبهم وتفيض عيونهم بالدمع من خشية الله، حتى قال له عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أعرض عليا شيئا من كتاب الله يا عقبة، فقرأ فبكى عمر بن الخطاب، حتى بللت دموعه لحيته، وقد شهد عقبة رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدا وما بعدها من الغزوات، وكان أحد الكماة الأشاوس المغاوير، الذين أبلوا يوم فتح دمشق أعز البلاء وأعظمه، فكافأه أبو عبيدة بن الجراح على حسن بلائه بأن بعثه بشيرا إلى عمر بن الخطاب في المدينة ليبشره بالفتح، فظل ثمانية أيام بلياليها من الجمعة إلى الجمعة يواصل السير دون انقطاع، حتى بشر الفاروق عمر بالفتح العظيم، ثم إنه كان أحد قادة جيوش المسلمين التي فتحت مصر فكافأه أمير المسلمين معاوية بن أبي سفيان بأن جعله واليا عليها ثلاث سنوات، ثم وجهه لغزو جزيرة رودس في البحر الأبيض المتوسط، وقد بلغ ولع عقبة بالجهاد فى سبيل الله، أنه وعى أحاديث الجهاد في صدره واختص بروايتها إلى المسلمين، كما كان عقبة من رواة الحديث، وروى عنه من الصحابة جابر، وابن عباس، وأبو أمامة، ومسلمة بن مخلد، وأما رواته من التابعين فكثيرون، ويقول الناسخ بن غنيم قال ابن الجوزي في كشف المشكل، أنه جملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خمسة وخمسون حديثا، وقد أخرج له في الصحيحين سبعة عشر حديثا،وقد وقف مع معاوية بن أبي سفيان أيام الفتنة، وقد ولاه معاوية بن أبى سفيان مصر، خلفا لأخيه عتبة بن أبي سفيان، فسار فيها أحسن سيرة حتى بعثه معاوية لفتح رودس، وبعث مسلمة بن مخلد الأنصاري خلفا له على مصر، ودامت ولاية عقبة على مصر سنتين وثلاثة أشهر، ثم شارك بعد ذلك في حصار القسطنطينية تحت إمرة يزيد بن معاوية، ولما مرض عقبة بن عامر مرض الموت الذى مات فيه، فقيل أنه جمع بنيه فأوصاهم فقال لهم يا بنى أنهاكم عن ثلاث فاحتفظوا بهن لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة، ولا تستدينوا ولو لبستم العباء وهو كساء مفتوح من الأمام، ولا تكتبوا شعرا فتشغلوا له قلوبكم عن القرآن، وتوفي عقبة بن عامر سنة ثمانى وخمسين من الهجرة ودُفن بجبانة المقطم بالقاهرة، وقبره معروف ومشهور، وكان أوصى قبل موته بسبعين فرس بجعابها ونبالها في سبيل الله، ولقد كان عقبة بن عامر وقبيلة جهينة في طلائع الجيش العربي الإسلامي الذي انطلق لفتح الشام في شهر صفر فى العام الثالث عشر هجرية، وقال ابن سعد فلمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ندب الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه، إلى الشام فخرج عقبة بن عامر فشهد فتوح الشام، وكان عقبة بن عامر وقبيلته في الجيش الرابع الذي تولى قيادته عمرو بن العاص في فتح غزة ومناطق من فلسطين ثم اجتمعت الجيوش الأربعة في موقعة اليرموك وغيرها، وقد كان له دور بارز في فتوح البهنسا في صعيد مصر وجنوبها، وقال الواقدي كان في القلب أى قلب الجيش، عمرو وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر الجهني وبقية الصحابة من الأمراء أصحاب الرايات ممن شهد الوقائع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عقبة بن عامر من أمراء وقادة الجيش العربي الإسلامي في محاربة البطريرك بطليموس ومن معه من الروم في دهشور ومدينة البهنسا، وكان عقبة بن عامر على رأس القوة الإسلامية في باب القندس بمدينة البهنسا، ومن اقتحام باب القندس بدء الفتح الذي تتوج بفتح تلك المدينة وسقوط آخر معقل روماني، ورفرفت راية الإسلام في صعيد مصر، وكان ذلك في آخر خلافة عمر بن الخطاب، وكان عقبة مع عمرو بن العاص لما افتتح الفسطاط، ثم وجه عمرو بن العاص، عقبة بن عامر، إلى سائر قرى أسفل الأرض، فغلب على أرضها وصالح أهل قراها على مثل صلح الفسطاط، وهكذا كان عقبة بن عامر، هو الامام الأمير والمقرئ الجهني القبيلة، المصري المسكن والوفاة، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه ورديفه، وهو من مشاهير الصحابة وأعلامهم وهو معدود فيمن خدم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يأخذ بزمام بغلة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقودها في الأسفار، وقد عدد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضل المعوذتين وحثه على قراءتهما وكان عقبة بن عامر من أصحاب الصفة، وقد قال الذهبي قال عقبة بن عامر، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة، وكنت من أصحاب الصفة، والصفة هو موضع مظلل في مسجد المدينة كان يأوي إليه فقرأ المهاجرين ومن لم يكن له منزل يسكنه، وقال ابن حجر ورأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان وفي آخره مكتوب كتبه عقبة بن عامر بيده، وقد شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص، وسكنها، وكان واليا عليها وابنتى بها دارا، ويوجد إلى الآن منطقة معروفة جدا بالجيزة بالقاهرة الكبرى بمصر تسمى على أسمه ميت عُقبة فإنه رضي الله عنه لما نزل مصر اقطعه معاوية بن ابي سفيان ارضا بالجيزة فسكنها عقبة وكانت ارضا ومسكنا له ولأحفاده من بعده وسميت على اسم صاحبها منية عقبة أو ميت عقبة ومعناها أنها أرض عقبة بن عامر، وقد ولاه معاوية بن أبي سفيان إمارة مصر بعد موت اخيه عتبة بن أبي سفيان الذي كان واليا عليها، و جمع معاوية لعقبة في إمرة مصر بين الخراج والصلاة، وقد دام عقبة على إمرة مصر، إلى أن أراد معاوية بن أبى سفيان عزله ، فلما قدم مسلمة بن مخلد على معاوية بدمشق ولاه مصر، وأمره أن يكتم ذلك عن عقبة بن عامر ثم سيره إلى مصر وأمر معاوية عقبة بغزو رودس ومعه مسلمة بن مخلد المذكور، فنشر عقبة بن عامر الرايات على السفن وكان اول من فعل ذلك، فخرج عقبة ومسلمة إلى الإسكندرية ثم توجها في البحر فلما سار عقبة استولى مسلمة على سرير إمرته، فبلغ ذلك عقبة بن عامر، فقال أغربة وعزلا، وكان ذلك لعشر بقين من ربيع الأول سنة سبعة وأربعين من الهجرة، وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر وتولى مسلمة بعده الإمرة، وقيل أن عقبة بن عامر، مات في خلافة معاوية، ، وقال ابن عبد البر أنه توفي في آخر خلافة معاوية، وقيل أنه ليس في الجبانة قبر صحابي مقطوع به إلا قبر عقبة فإنه زاره الخلف عن السلف، و قال الزركلي وفي القاهرة مسجد عقبة بن عامر بجوار قبره، وهو الصحابي الوحيد الذي يثبت مكان قبره بالقرافة خلافا عن الصحابة الذين دفنوا بالقرافة ولم تعلم قبورهم ودُثرت،، وأما القول بأن عمرو بن العاص وابي بصرة مدفونين معه فلا يثبت، وأصح وأحسن ما قيل في قبور عقبة وعمرو وابي بصرة، انها بالمقطم كما هو ثابت لكن مختفية المعالم، وكان مما جاء في كراماته رضى الله عنه، أنه رئي بعض الأمراء في النوم ممن جاوره فقيل له ما فعل الله بك، فقال لهم غفر لي بمجاورة عقبة ، وعن عقبة بن عامر الجهني قال، ذهب إلى المسجد الأقصى يصلي فيه، فرآه ناس فاتبعوه، فقال لهم ما لكم؟ قالوا أتيناك لصحبتك لرسول الله صلى التحدثنا بما سمعت منه، فقال لهم انزلوا فصلوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ما من عبد يلقى الله عز وجل لا يشرك به شيئا، ولم يتند بدم حرام، إلا دخل من أي أبواب الجنة شاء” وعن عقبة قال خرجت من الشام يوم الجمعة، ودخلت المدينة يوم الجمعة، فقال لي عمر بن الخطاب رضى الله عنه ” هل نزعت خفيك؟ قلت لا، قال أصبت السنة ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى