مقال

الدكروري يكتب عن الصحابي عبادة بن الصامت الخزرجي 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصحابي عبادة بن الصامت الخزرجي

 

بقلم محمد الدكروري

 

الصحابى عُبادة بن الصامت وهو صحابي من بني غنم بن عوف من الخزرج، وقد شهد العقبتين وشارك في الفتح الإسلامي لمصر، وسكن بلاد الشام، وتولى إمارة حمص لفترة، ثم قضاء فلسطين حتى توفي في الرملة بفلسطين رضى الله عنه، وهو الصحابى الجليل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرجي الأنصاري، وقد شهد بيعة العقبة الأولى وهو أحد الخمسة الأول من الأنصار الذين شاركوا في جمع القرآن الكريم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اشتهر بأنه لا يخاف في الحق لومة لائم، فقد خالف معاوية بن أبى سفيان في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان وقد أسلم عبادة بن الصامت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب، وقال ابن إسحاق أنه شهد بيعة العقبة الأولى، ولكن المؤكد أنه كان أحد نقباء الأنصار الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم، في مكة بيعة العقبة الثانية، وبعد الهجرة النبوية، قد آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أبي مرثد الغنوي، وقد شهد الصحابى الجليل عبادة بن الصامت مع النبي صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، كما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم، على بعض الصدقات، وكان عبادة حافظا للقرآن الكريم، فكان يُعلم أهل الصفة القرآن الكريم، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وتوسع الفتوح الإسلامية، انتقل عبادة بن الصامت إلى الشام، وقال محمد بن كعب القرظي، جمع القرآن الكريم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، خمسة من الأنصار، وهم معاذ وعبادة وأبيّ وأبو أيوب وأبو الدرداء، كما قيل أنه شهد الفتح الإسلامي لمصر حيث كان من أمراء المدد الذي بُعث لعمرو بن العاص، ولما ولي معاوية بن أبي سفيان الشام، ساءت العلاقة بين عبادة ومعاوية لأشياء أنكرها عليه عبادة، فقال لمعاوية ” لا أساكنك بأرض ” فرحل إلى المدينة المنورة، فقال له عمر بن الخطاب “ما أقدمك؟” فأخبره بفعل معاوية، فقال له ” ارحل إلى مكانك، فقبّح الله أرضا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك ، وقيل أنه مات بالرملة سنة أربعه وثلاثين من الهجرة، وكان عمره اثنين وسبعين سنة، وكان رجلا طويلا جسيما جميلا، وكان لعبادة بن الصامت من الولد الوليد وأمه جميلة بنت أبي صعصعة وهى أخت الصحابي قيس بن أبي صعصعة، ومحمد وأمه أم حرام بنت ملحان، وداود وعبيد الله، ولم تذكر أمهاتهم، وقد روى الصحابى الجليل عبادة بن الصامت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه أبو أمامة الباهلي وأنس بن مالك وأبو مسلم الخولاني والكثير والكثير من رواة الحديث، وقد أورد له بقي بن مخلد في مسنده مائة وواحد وثمانون حديثا، وله منها ستة متفق عليها، وانفرد الإمام البخاري بحديثين، والإمام مسلم بحديثين، وكما روى له باقي الجماعة في كتبهم، وقد ولد عبادة بن الصامت في المدينة قبل الهجرة بثمانى وثلاثين سنة، فهو أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخمسة عشر عاما، وكان أبوه الصامت بن قيس، وهو لم يدرك الإسلام، وقد توفى أبوه على دين قومه، وأما عن أمه فهى السيدة قرة العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك من الخزرج، وقد أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه، من أوائل الذين أسلموا من الأنصار، وذلك في السنة العاشرة من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات، ومنذ أن أسلم عبادة بن الصامت رضى الله عنه، فقد ارتبط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ارتباطا وثيقا، وتعلق به تعلقا شديدا، فلم يكن من مشهد من مشاهد الإسلام إلا وحضره، ولم يغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم،غزوة، ولم يسر إلى مكان إلا وكان معه، وقد استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الصدقات، وقال له “اتق الله، ألا تأتي يوم القيامة ببعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثؤاج” فقال عبادة رضى الله عنه، فوالذي بعثك بالحق، لا أعمل عمل اثنين وبايع النبي صلى الله عليه وسلم،على ألاَ يخاف في الله لومة لائم، وأما عن بطولة عبادة بن الصامت العسكرية فقد تجلت في مواطن كثيرة، فعندما طلب عمرو بن العاص رضى الله عنه مددا من الخليفة لإتمام فتح مصر، فقد أرسل إليه أربعة آلاف رجل، على رأس كل منهم قائد حكيم، وصفهم الخليفة قائلا “إني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم رجل بألف رجل” وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه واحدا من هؤلاء الأربعة الأبطال، وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه، ممن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيعة العقبة الأولى، أو كما عُرفت ببيعة النساء، فكان أحد نقباء العقبة ومن أعيان البدريين، وكبار الصحابة وأكثرهم حفظا للقرءان وقد ولد عبادة بن الصامت، بالمدينة وينتهي نسبة إلى الخزرج، وكان ابن الصامت من أوائل أهل المدينة الذين أسلموا في السنة الثالثة قبل الهجرة، عندما لقوا الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بالموسم، وهو أحد نقباء الأنصار الثمانية الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، في العقبة الأولى، وفى العقبة الثانية كان أحد النقباء الاثني عشر، الذين بايعوا على السمع والطاعة في المنشط والمكره، ولما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة فقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أبي مرثد الغنوي، ولازم الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهد بدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد والغزوات كلها وكان ابن الصامت ممن كتبوا للرسول صلى الله عليه وسلم الوحي القرآني، وشارك في جمع القرآن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فعن محمد بن كعب القرظي، قال ” جمع القرآن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، خمسة من الأنصار هم معاذ، وعبادة، وأبى، وأبو أيوب وأبو الدرداء، وقد عرف عبادة بن الصامت بالتقوى والصلاح والشدة في الحق والزهد والإبتعاد عن الأعمال المحفوفة بالزهو والسلطان والثراء وكان من الذين عارضوا سياسة معاوية في الحكم والسلطان، فأغلظ له معاوية في القول، فقال عبادة “لا أساكنك بأرض واحدة أبدا ” ورحل إلى المدينة، وقد رفض ابن الصامت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تولي المناصب التي تصرفه عن العلم والعبادة، وعكف على تعليم الناس وتفقيههم في الدين، ومضى إلى فلسطين، وملأها علما وفقها ونورا، وهو أول من ولي قضاء فلسطين من قبل عمر بن الخطاب، وقيل إنه توفي في بيت المقدس، ويروى أنه يوم وفاته قال ” أخرجوا فراشي إلى الصحن، واجمعوا لي موالي وخدمي وجيراني، ومن كان يدخل علي” فجمعوا له، فقال ” إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا، وأول ليلة من الآخرة، وإني لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني شيء، والذي نفس عبادة بيده القصاص يوم القيامة، وان كان أحد منكم في نفسه شيء من ذلك فليقتص مني قبل أن تخرج نفسي” فقالوا بل كنت مؤديا، قال ” اللهم اشهد ” ثم قال ” أما لا، فاحفظوا وصيتي، أحرج على إنسان منكم يبكي علي، فإذا خرجت نفسي فتوضؤوا وأحسنوا الوضوء، ثم ليدخل كل إنسان منكم المسجد فيصلي ثم يستغفر لي ولنفسه، فإن الله تبارك وتعالى قال فى كتابة الكريم فى سورة البقرة:(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)، ثم أسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تتبعني نار، ولا تضعوا تحتي أرجوانا” وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لم يستطع الفاروق أن يحمله على قبول منصب ما، إلا تعليم الناس وتفقيههم في الدين، فهذا هو العمل الوحيد الذي آثره عبادة بن الصامت رضى الله عنه، مبتعدا بنفسه عن الأعمال الأخرى المحفوفة بالزهو وبالسلطان وبالثراء، وهكذا سافر إلى الشام ثالث ثلاثة هو، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، حيث ملئوا البلاد علما وفقها ونورا، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، أخبرني وحين أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أن يصف عبادة بن الصامت قال عنه، أنه رجل يعد في الرجال بألف رجل،وقد روى عنه عدد كبير من التابعين منهم عطاء بن يسار وأحفاده وهم كثير، وإن سيرة الصحابى الجليل عبادة بن الصامت من السير الملهمة التي تؤكد أنه قد قدم خدمات جليلة للإسلام والمسلمين وقد اشتهربالورع والزهد والتقوى، وقد وحارب عبادة بن الصامت إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وأحد والخندق، وغيرها من غزوات رسول الله، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض الصدقات، وكانت عائلته الصحابى الجليل عبادة بن الصامت، قبل إسلامه، مرتبطة مع يهود بني قينقاع بالمدينة بحلف قديم، ومنذ هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، ويهودها يتظاهرون بمسالمته، حتى كانت الأيام التي تلت غزوة بدر وسبقت غزوة أحد، فشرع اليهود يتآمرون، وافتعلوا أسبابا للفتنة على المسلمين، فبادر عبادة بنبذ عهدهم وحلفهم قائلا ” إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين” وبعدها تنزل القرآن الكريم محييا موقفه وولاءه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة المائده (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)

ومن هنا لم يظل الرجل الذي نزلت هذه الآية الكريمة تحيي موقفه وتشيد بولائه وإيمانه، مجرد نقيب الأنصار في المدينة، بل أصبح نقيبا من نقباء الدين، وقد تزوج عبادة بن الصامت من أم حرام بنت ملحان، والتي توفيت بقبرص وضريحها بالقرب من مسجد لارنكا الكبير، أما أخوه فهو أوس بن الصامت وهو زوج خولة بنت ثعلبة التي أنزل الله تعالى فيها قوله تعالى فى سورة المجادلة (“قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).

وفى النهاية كما هى نهاية كل حى توفي الصحابى الجليل عبادة بن الصامت سنة أربعة وثلاثون من هجرة عن عمر ناهز الإثنين وسبعين عاما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى