مقال

الدكروري يكتب عن المحافظة على الأمن والاستقرار

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المحافظة على الأمن والاستقرار

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المحافظة على الأمن والاستقرار في مجتمعنا عبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل، وهي مسئولية الجميع، فلا بد من تكاتف الجهود في هذا المجال للتصدي لمن يحاول الإخلال بأمن البلاد والعباد، والوقوف أمام كل دعوة تهدد الأمن، وتزعزع الاستقرار، فلا هناء في عيش بلا أمن، ولا سعادة في مال بلا استقرار، وإن الله عز وجل قد أنعم على العباد بنعم كثيرة وافرة، وأوجب عليهم واجبات متعددة، فمن ذلك أمنهم الذي يجب أن يحفظوه، ويعملوا على استدامته وبقائه، وعدم انتهاك ما يخل به، ويذهب آثاره المحمودة، وإذا اختل الأمن تبدل الحال، ولم يهنأ أحد براحة بال، فيلحق الناس الفزع في عبادتهم، فتهجر المساجد.

 

ويمنع المسلم من إظهار شعائر دينه، وتعاق سبل الدعوة، وينضب وصول الخير إلى الآخرين، وينقطع تحصيل العلم وملازمة العلماء، ولا توصل الأرحام، ويئن المريض فلا دواء ولا طبيب، وتختل المعايش، وتهجر الديار، وتفارق الأوطان، وتتفرق الأسر، وتنقض عهود ومواثيق، وتبور التجارة، ويتعسر طلب الرزق، وتتبدل طباع الخلق، فيظهر الكذب، ويلقى الشح، ويبادر إلى تصديق الخبر المخوف وتكذيب خبر الأمن، وباختلال الأمن تقتل نفوس بريئة، وترمّل نساء، ويُيتم أطفال، فإذا سلبت نعمة الأمن فشا الجهل، وشاع الظلم، وسلبت الممتلكات، وإذا حل الخوف أذيق المجتمع لباس الفقر والجوع.

 

وإن من وسائل تحقيق الأمن في المجتمع إصلاح ذات البين بين طوائف المجتمع، ومعنى ذات البين أى صاحبة البين، والبين في كلام العرب يأتي على وجهين متضادين، فالأول وهو الفراق والفرقة ومعناه إصلاح صاحبة الفرقة بين المسلمين بإزالة أسباب الخصام والتسامح والعفو، وبهذا الإصلاح يذهب البين وتنحل عقدة الفرقة، والثاني هو الوصل ومعناه إصلاح صاحبة الوصل والتحابب والتآلف بين المسلمين، وإصلاحها يكون برأب ما تصدع منها وإزالة الفساد الذي دب إليها بسبب الخصام والتنازع على أمر من أمور الدنيا، فإصلاح ذات البين عزيمة راشدة ونية خيرة وإرادة مصلحة.

 

والأمة تحتاج إلى إصلاح يدخل الرضا على المتخاصمين، ويعيد الوئام إلى المتنازعين، إصلاح تسكن به النفوس وتأتلف به القلوب ولا يقوم به إلا عصبة خيرة من خلق الله، شرفت أقدارهم، وكرمت أخلاقهم وطابت منابتهم، ويكون ذلك بالحوار الطيب المقنع فالحوار من أفضل الطرق لقوام المجتمع ووحدته وائتلافه، والحوار الهادئ المقنع يفعل في أكثر الأحيان ما لا تفعله قوة المدافع والطائرات، وإذا كان كذلك، وأراد المسلمون أن يحموا أوطانهم، ويحفظوا وحدة أمتهم، فعليهم بالحوار لإصلاح ذات البين والاجتماع والتآلف فالاجتماع نعمة، والخلاف فرقة وشتات، وما فتئ القرآن يحذر من التنازع والخلاف.

 

ويذكر بمصير المتنازعين، فكان النبي صلي الله عليه وسلم سمحاً حتى مع أعدائه، دخل مكة فاتحاً لها، دخل على قريش التي طردته، وقتلت أصحابه وسبته، فقال “ما تظنون أني فاعل بكم؟” فقالوا أخ كريم وابن أخٍ كريم، فقال “اذهبوا فأنتم الطلقاء” فما أعظم سماحتك يا رسول الله؟ وما أجمل أخلاقك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى