مقال

الدكروري يكتب عن أجل صور الوفاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أجل صور الوفاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أجل صور الوفاء للدين هو الثبات على تعاليمه والتمسك بأهدافه والبذل في سبيله، والتضحية من أجله، فهذا هو نبى الله إبراهيم عليه السلام توقد له النار العظيمة ويلقى فيها فلا يزحزحه ذلك عن دينه، وهذا خير الورى صلوات ربي وسلامه عليه يوم أن ظن عمه أبو طالب، أنه قد اضطرب في أمره وضعف عن نصرته فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما تريده منه قريش، فقال صلى الله عليه وسلم تلك الكلمات التي ملؤها الوفاء لهذا الدين “يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته” وهذا بلال رضي الله عنه يوضع على رمال مكة الحارة في عز الصيف.

 

وتوضع الصخرة العظيمة على صدره ويعذب على أن يتزحزح عن هذا الدين فيرفض ويظل وفيا لهذا الدين، وهذا خباب بن الأرت يوقد له الفحم المستعر ثم يلقوه عليه ويضع رجل منهم قدمه على صدره لتثبيته فما يطفئ ذلك الجمر إلا ما خرج من دهن جلده فلا يتزحزح ويظل وفيا لهذا الدين، وهذه سمية أم عمار امرأة تظل وفية لدينها حتى ماتت تحت التعذيب، وقد جعل الله الوفاء بالعهد أول صفات العقلاء، فقال تعالى فى سورة الرعد ” أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق” ولقد حذر الله سبحانه من التفريط بعهده فقال تعالى فى سورة النحل.

 

“ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون” بل جعل الله سبحانه وتعالى الوفاء أخص خصائص الفئة المؤمنة، حيث قال تعالى في معرض وصفهم ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” ومن جوانب الوفاء وأنواعه هو الوفاء بالعقود والعهود، فالإسلام يأمر ويوصي باحترام العقود وتنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم “المسلمون عند شروطهم” رواه البخاري، وإن المسؤولية في الإسلام واجب شرعي وأخلاقي يجب على كل من تحمل شيئا منها أن يقوم بها خير قيام براءة لذمته وحتى لا يكون ظالما لطرف أخر أو للمجتمع أو للأمة بتقصيره في ذلك.

 

والمسؤولية ليست كرة يلقيها اللاعبون إنما هي أمانة يتحملها الأشداء من الرجال والنساء على السواء، إنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة إلا من قام بحقها، فقد جاء أبو ذر الغفاري إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، ليطلب من الرسول أن يساعده ليتولي ولي على إحدي الولايات، وكان أبو ذر الغفاري ينقصه بعض الشروط المطلوبة في تولي منصب الولاية، فرفض الرسول صلي الله عليه وسلم طلبه، ورد عليه الرسول “يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها” رواه مسلم، وإذا نظرنا إلى أحوال السابقين من أمتنا نجد أنهم أعطوا هذا الأمر ما يستحقه من العناية.

 

بحيث نشأ أبناؤهم نشأة سوية تحملوا المشاق والصعاب دون كلل أو ملل، وبذلوا لهذا الدين ولرفعة الأمة دون منّ فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي أسامة بن زيد على يديه، ثم في سن السابعة عشرة يكلفه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة جيش فيه أبو بكر وعمر، وينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه وينفذ أبو بكر بعث أسامة فيتحمل المسؤولية ويمضي في مهمته ويعود منها محققا الغاية التي من أجلها أرسل الجيش وتعجب حين تعلم أن الصحابة كانوا يقولون بعد ذلك ما رأينا أسلم من بعث أسامة ذلك أن الله تعالى قد حفظ أفراد الجيش حتى رجعوا سالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى