مقال

الدكروري يكتب عن رد الجار على جاره الأذى

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رد الجار على جاره الأذى

بقلم / محمـــد الدكــــروري

 

إنه ليس من حسن الجوار بين الجيران أن يرد الجار على جاره الأذى بمثله، والإساءة بأختها، فقد جاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له إن لي جارا يؤذيني ويشتمني ويضيق علي فقال له ابن مسعود رضي الله عنه “إن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه” وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول “ليس حسن الجوار كف الأذى، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى” فإذا ابتليت بجار سوء يؤذيك فعليك بالصبر، فإنه مفتاح الفرج، وعلى الأخيار السعي في الإصلاح بين المتنازعين لأن الجار أولى بالعفو عن خطئه، والتغاضي عن زلته، خصوصا إذا كان ذا فضل وإحسان، وتذكر أيها الجار أن صبرك على جارك الذي يؤذيك مما يحبه الله سبحانه وتعالى، فعن أبي ذر الغفاى رضي الله عنه قال.

 

قال صلى الله عليه وسلم “إن الله يحب ثلاثة، ويبغض ثلاثة، وذكر من الثلاثة الذين يحبهم، والرجل يكون له الجار يؤذيه جاره، فيصبر على أذاه، حتى يفرق بينهما موت أو ظعن” رواه أحمد، وكذلك فإن عجزت عن الصبر على إيذاء جارك، وعن ملاقاة الإساءة منه بالإحسان، فعليك بوصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في التعامل مع مثل هؤلاء الجيران الذين يؤذونك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، جاء رجل إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “اذهب فاصبر” فأتاه مرتين أو ثلاثا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “اذهب فاطرح متاعك في الطريق” فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه، فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه.

 

فعل الله به وفعل، وفي لفظ آخر فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، لقيت من الناس، قال صلى الله عليه وسلم “وما لقيت”؟ فقال الرجل يلعنونني، فقال صلى الله عليه وسلم “قد لعنك الله قبل الناس” فقال إني لا أعود، ثم ذهب إلى جاره، فقال له ارجع لا ترى مني شيئا تكرهه، فجاء الشاكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “ارفع متاعك فقد كفيت” رواه أبو داود والحاكم، وقيل أنه مر الإمام مالك بن أنس رحمه الله على امرأة وهي تنشد تقول، أنت خلى وأنت حرمة جارى، وحقيق علي حفظ الجوار، وإن للجار إن تغيب عينا، حافظا للمغيب والأسرار، وما أبالي إن كان للباب ستر، مسبل أم بقى بغير ستار، فقال مالك علموا أهلكم هذا و أمثاله.

 

وإن جملة ما يحق لجارك عليك أن تسلم عليه إذا لقيته، وإن مرض عدته، وإن مات شيعته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، ولا تستطل عليه بالبنيان، فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقثار ريح قدرك إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهدى له, فإن لم تفعل فأدخلها سرا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، وجماع حقوق الجار على جاره قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ” أو قال ” لأخيه ما يحب لنفسه” رواه مسلم، وقد اختلفت عبارات أهل العلم في حد الجوار المعتبر شرعا، فمما قيل في ذلك هو أن حد الجوار أربعون دارا من كل جانب، وقد جاء ذلك عن السيدة عائشة رضي الله عنها.

 

كما جاء عن الزهرى والأوزاعى، وقيل أنه عشرة دُور من كل جانب، وقيل أن من سمع النداء فهو جار، وقد جاء ذلك عن الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، وقيل أن الجار هو الملاصق الملازق، وقيل أن حد الجوار هم الذين يجمعهم مسجد واحد، وإن الأقرب والله أعلم أن حد الجوار يُرجع فيه إلى العُرف، فما عُلم عرفا أنه جار، فهو جار، وينقسم الجيران من حيث الحقوق الواجبة تجاههم إلى ثلاثة أقسام، فيوجد جار له حق واحد، وهو المشرك، وله حق الجوار، وجار له حقان، وهو الجار المسلم، له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق، وهو الجار المسلم له رحم، له حق الجوار، وحق الإسلام وحق القربى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى