مقال

الدكروري يكتب عن الغفلة عن المسؤولية الفردية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الغفلة عن المسؤولية الفردية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد حذر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن المسؤولية الفردية فقال صلى الله عليه وسلم “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه ” رواه الترمذى، أما على مستوى المسؤولية العامة أو مسؤولية الدولة، فقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الحديث الذي يرويه ابن عمر رضي الله عنهما حيث قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذى على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ” رواه مسلم.

 

ولذا فإن اهتمام الدولة بتنمية الموارد البشرية يأتي ضمن مسؤوليتها العامة، وكذلك أيضا العمل حيث هو المحور الذى تدور عليه عملية تنمية الموارد البشرية، إذ أن الإنسان الذي يؤدى العمل يحتاج إلى كفاءة مهنية وعقلية تربوية تؤهله للقيام بدوره في المهام والوظائف العملية، ولذا اهتم الإسلام بالعمل وحث عليه سواء كان عملا تعبديا أو مهنيا ورفع من قيمة العمل، فقال تعالى كما جاء فى سورة الكهف ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا” وقال تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهاده فينبئكم بما كنتم تعملون” ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على العمل فقال.

 

” ما كسب الرجل كسبا أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو صدقة” رواه ابن ماجه، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، “إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم، عملاً أن يتقنه ” رواه البيهقى” ولا شك أن الإنسان الذي يراد له أن يؤدى عمله ويتقنه لابد له من مهارة وإعداد وذلك صلب عملية تنمية الموارد البشرية، وأيضا فإن هناك التغيير فتنمية الموارد البشرية تسعى لتغيير إمكانات الإنسان ومهاراته نحو الأفضل فهى تهيئ له فرصة التدريب والتوجيه والسعي نحو اكتساب كل جديد في حياته، ما أمكنه ذلك، والتغيير سنة الحياة، لكن التغيير المقصود هو الذي يعود بالنفع والصلاح على الإنسان، فليس التغيير مطلوبا لذاته.

 

وإنما هو مطلوب لغاية إيجابية يعمل من أجلها، ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى إرادة التغيير وهو سبحانه وتعالى القادر على كل شيء، بإرادة الإنسان ذاته، فقال تعالى كما جاء فى سورة الرعد ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسم وإذا إراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ” وقال تعالى كما جاء فى سورة الأنفال ” ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم” وأيضا فإن هناك الأمانة إذ عليها المعول في ضبط أى سلوك إنسانى، وليست الأمانة حفظ الحقوق والأموال فقط، بل الأمانة في كل شيء، ومن أبرزها أمانة الدين ثم أمانة العمل، إن ما تعانيه كثير من المؤسسات العالمية والمحلية من فساد وخلل وانهيار، إنما يعود في كثير منه إلى فقد الأمانة.

 

أو ما يطلق عليه غياب أخلاقيات المهنة، إذ بفقد ذلك تنهار قيم العمل وضوابطه، وتشيع قيم أخرى هي للفساد أقرب منها للصلاح، ولا شك أن غياب الأمانة إنما يعود في جزء كبير منه إلى غياب الإيمان، كما يعود أيضا إلى غياب مفاهيم التنمية البشرية الصحيحة التي تقوم على البناء الأخلاقي للإنسان، وقد أعطى الإسلام أهمية كبرى للأمانة فقال سبحانه وتعالى ممتدحا عباده المؤمنين كما جاء فى سورة النور ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تضييع الأمانة فقال ” إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قالوا كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى