مقال

الدكروري يكتب عن أهداف الأسرة المسلمة وتكوينها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أهداف الأسرة المسلمة وتكوينها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أهداف الأسرة المسلمة وتكوينها صيانة الشباب وقوتهم من أن يستنزفها الزنا واللواط والعادات السرية الضارة، وما يترتب عليها من انهيارات جسمانية ومعنوية، لا تخفى خطورتها، أو أن تفتك بها الأمراض الخبيثة، والأمراض الجنسية التي جعلها سبحانه وتعالى عقوبة لمن تظهر فيهم الفاحشة، وتشيع فيهم المنكرات، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم.

 

ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم” رواه ابن ماجه، وفي عصر النبي صلي الله عليه وسلم كان هناك فئة من المنافقين يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ويشهدون معه مجالس الخير، ويذهبون معه في السفر والإقامة، ويشهدون معه بعض الغزوات، فيعيشون مع النبي صلى الله عليه وسلم كما يعيش معه سائر أصحابه، يتلقون من نفس القنوات التربوية التي يتلقى منها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بل لعل بعض المنافقين كانوا أكثر حضورا لمجالسه من بعض أصحابه.

 

ومع ذلك لم ينتفعوا بشيء من ذلك أبدا، ويروى أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما كان قد تزوج عاتكة بنت عمرو بن نفيل وكانت من أجمل نساء قريش، وكان عبد الرحمن من أحسن الناس وجها وأبرهم بوالديه فلما دخل بها غلبت على عقله، وأحبها حبا شديدا فثقل ذلك على أبيه فمر به أبو بكر يوما وهو في غرفة له فقال يا بني إني أرى هذه قد أذهلت رأيك وغلبت على عقلك فطلقها قال لست أقدر على ذلك فقال أقسمت عليك إلا طلقتها فلم يقدر على مخالفة أبيه فطلقها فجزع عليها جزعا شديدا وامتنع من الطعام والشراب فقيل لأبي بكر أهلكت عبد الرحمن فمر به يوما وعبد الرحمن لا يراه وهو مضطجع في الشمس ويقول هذه الأبيات فوالله لا أنساك ما ذر شارق.

 

وما ناح قمري الحمام المطوق، فلم أر مثلي طلق اليوم مثلها، ولا مثلها في غير شيء يطلق، لها خلق عف ودين ومحتد، وخلق سوي في الحياء ومنطق، فسمعه أبوه فرق له وقال له راجعها يا بني فراجعها وأقامت عنده حتى قتل عنها يوم الطائف، عندما كان مع رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث أصابه سهم فقتله فجزعت عليه جزعا شديدا وقالت ترثيه، فآليت لا تنفك نفسي حزينة، عليك ولا ينفك جلدي أغبرا، فتى طول عمري ما أرى مثله فتى، أكر وأحمى في الهياج وأصبرا، إذا شرعت فيه الأسنة خاضها، إلى القرن حتى يترك الرمح أحمرا، فانظر كيف سارع عبد الرحمن في تلبية رغبة أبيه أبو بكر رضي الله عنهما محبة واحتراما وإجلالا له, على الرغم من مقاساته ومعاناته من تلبية هذه الرغبة.

 

ولذا نستطيع أن نقول إن الإسلام أعطى الطفل حقه كاملا ومناسبا للمرحلة العمرية التي يمر بها، وكذلك أيضا فيجب أن نتكلم عن تجاوز سلبيات المربي فإن البشر أيا كانوا لا يخلون من سلبيات وجوانب من القصور، فحينما يكون الشاب مجرد ظل لغيره، فإنه سيحمل سلبيات من يربيه، بالإضافة إلى سلبياته هو، فحين يكون الشاب يعاني من صفة سلبية كالكسل مثلا، ووجد وتربى في بيئة يكثر فيها الهزل، فسيجمع بين الصفتين، وهكذا في سائر الأمراض جوانب القصور، وحين يعتني بتربية نفسه تربية ذاتية، فإنه سيتجاوز كثيرا من سلبيات من يربونه، لتبقى لديه سلبياته وجوانب قصوره الشخصية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى