مقال

الدكروري يكتب عن الرحمة في قلب الوالدين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرحمة في قلب الوالدين
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إذا أحب الله سبحانه وتعالى وجل شأنه العبد، نادى جبريل عليه السلام إن الله تعالى يحب فلانا فأحببه” وما قال إن الله أحب فلانا، بل “إن الله يحب” والفعل المضارع يدل على التجدد والاستمرار، إن الله تعالي يحب فلانا فأحببه فلا تبقى محبة الله للعبد محبة تختص به بل يكون من نتيجة ذلك وأثره أن عظيم الملائكة وكبير الملائكة وهو جبريل عليه السلام يحبه بأمر الله تبارك وتعالى فصار الله يحبه، وأعظم الملائكة وهو جبريل عليه السلام يحبه، لأن جبريل عليه السلام يحب ما يحبه الله عز وجل، فينادي في أهل السماء ويعني هو جبريل عليه السلام ينادي في أهل السماء وهم الملائكة إن الله يحب فلانا، والسماء هنا جنس تشمل السموات السبع الطباق، كل أهل السموات.

فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء” وأهل السماء هنا هذه تدل على العموم كل أهل السماء لأن “أهل” أضيفت إلى معرفة فكان ذلك عامّا كل الملائكة يحبونه ولا يُستثنى من هذا أحد، قال ثم يوضع له القبول في الأرض ويوضع له القبول أي أن قلوب العباد تحبه، إذا رآه أحد أحبه، فوضع القبول للعبد في الأرض دليل على محبة الله تبارك وتعالى له، والمقصود بوضع القبول له عند أهل الإيمان، وإلا فإن أهل الكفر لا يحبونه، وإنما القبول عند أهل الإيمان، فينبغي ألا يغيب عن البال أن ظاهرة الرحمة إن حلت في قلب الأبوين، وترسخت في نفسيهما، قاما بما يترتب عليهما من واجب، وأديا ما أوجب عليهما من حق رعايتهما الأولاد.

تلك الرحمة كانت تملأ قلب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فتفيض عيناه بما تكنه جوارحه، ففي الصحيحين من حديت أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال أرسلت إحدى بنات الرسول صلى الله عليه وسلم تدعوه وتخبره أن صبيا لها في الموت يعنى في مقدمات الموت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ارجع إليها وأخبرها أن لله تعالى ما أخد، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب” فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابث ورجال رضي الله عنهم فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع أى تتحرك، وتضطرب ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال له سعد ما هذا يا رسول الله؟ قال “هذه رحمة جعلها الله تعالى فى قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء” وفي الصحيحين أيضا من حديت أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله؟ فقال “يا ابن عوف، إنها رحمة” ثم أتبعها بأخرى فقال “إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإن بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” إلا أن هذه الرحمة التي استكنت فى قلبه صلى الله عليه وسلم لم تخرجه عن حد الاعتدال، فقد كان يوجههم إلى ما فيه نفعهم وصلاحهم، وإن كان فيه قسوة عليهم.

فهذا مقتضى الرحمة، ففي الصحيحين من حديت أبى هريرة رضي الله عنه أنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فِيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كِخ كِخ ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟” وحينما أتته ابنته فاطمة رضي الله عنها تشتكى مما تلاقيه من عمل المنزل، وتطلب منه خادما يخدمها، أرشدها النبى صلى الله عليه وسلم إلى التسبيح ثلاثا وثلاثين، والتحميد ثلاثا وثلاثين، والتكبير أربعا وثلاثين، تم قال لها ولعلي رضي الله عنهما “هو خير لكما من خادم” رواه مسلم، فلم تدفعه صلى الله عليه وسلم عاطفة الأبوة إلى تلبية طلب ابنته بل أرشدها إلى ما فيه صلاحها دنيا وأخرى، وهذا منتهى الرحمة عند مَن يؤمن بالله واليوم الآخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى