مقال

الدكروري يكتب عن عاقبة ترك الإصلاح

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عاقبة ترك الإصلاح

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أغلى ما يملك المرء في حياتة كلها هو الدين والوطن، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه لأنه مهد صباه ومدرج خطاه ومرتع طفولته، وملجأ كهولته، ومنبع ذكرياته، وموطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، ويقول الله تعالى في قصة طالوت وجالوت كما جاء في سورة البقرة ” ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين” فدلالات هذه الآية تشير الى أهميه القتال من اجل الديار والأبناء.

 

فيما لا يتعارض مع الإسلام وان هذا جهاد في سبيل الله، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من قتل دون ماله فهو شهيد” ومن أغلى الأموال الأرض التي نسكنها ونحيا عليها ولا يصح أن نفرط في أوطننا وأراضينا بل الحفاظ عليها أمر واجب شرعا، وعن النعمان بن بشيررضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مثل القائم فى حدود الله والواقع فيها، كمثل قَوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذى فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا من فوقهم فقالوا، لو خرقنا فى نصيبنا خرقا ولم نؤذى من فوقنا؟ فإن تركوهم وما أرادوا أهلكوا وهلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا” رواه البخارى.

 

ومن آثار الإصلاح هو جلب المغفرة والرحمة، فقال الله تعالى فى سورة النساء ” وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما” وأما عن عاقبة ترك الإصلاح، فهو تعميم العذاب في الدنيا، فإذا تركت الأمة طريق الإصلاح واتصفت بالسلبية واللامبالاة عمها الله بالعذاب والعقاب، فقال الله تعالى فى سورة الأنفال “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب” أي اتقوا فتنة تتعدى الظالم فتصيب الصالح والطالح، الطالح لفساده وظلمه والصالح لسكوته عن المنكرات، لأن السكوت عن الفساد يؤدي إلي عموم المفسدة وكثرة الخبث فيكون الهلاك للجميع، فروى البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش رضي الله عنها.

 

أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ يوما من نومه فزعا وهو يقول”لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا” وحلق بين أصبعيه السبابة والإبهام” فقالت له زينب رضي الله عنها يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال “نعم إذا كَثر الخبث” وإن المنكَر إذا أعلن في مجتمع، ولم يجد مَن يقف في وجهه فإن سوقـه تقوم، وعوده يشتد، وسلطته تظهر، ورواقَه يمتد، ويصبح دليلا على تمكن أهل الفساد وقوتهم، وذريعة لاقتداء الناس بهم، وتقليدهم إيّاهم، وما أحرص أهل الفساد على ذلك، وقد قص الله تعالى علينا خبر بني إسرائيل حين نهاهم أن يعدوا في السبت، ولنا في تلك القصة عبرة.

 

فقد أنجى الله تعالى الذين ينهون عن السوء فقط، وأما البقية فقد عذبهم كلهم، وهذه سنته سبحانه في كل أمة يحق عليها العذاب، فإن لم يكن في الأمة من ينهى عن السوء والفساد فلا نجاة لأحد منها، وفي حديث جرير “ما من رجل يكون في قوم، يعمل فيهم بالمعاصي، يقدِرون على أن يغيروا عليه، فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا” وإن وجود المصلحين في أمة هو صمام الأمان لها، وسبب نجاتها من الإهلاك العام، فإن فقد هذا الصنف من الناس فإن الأمة وإن كان فيها صالحون يحل عليها عذاب الله كلها صالحها وفاسدها لأن الفئة الصالحة سكتت عن إنكار الخبث، وعطلت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاستحقت أن تشملها العقوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى