مقال

الدكروري يتكلم عن النمرود والبعوضة

جريدة الاضواء

الدكروري يتكلم عن النمرود والبعوضة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه على المسلم أن يبذل الأسباب الشرعية والمادية ليدفع عنه البلاء، فإذا ابتلي في جسده بحث عن العلاج، وإذا ابتلي في رزقه مشى في مناكب الأرض يبحث عن العمل، وإذا ابتلي بتسلط ظالم دفعه بكل الوسائل الممكنة، ولا يستسلم لذلك بحجة أنه ابتلاء، وإن السيئة هنا فى هذا الزمان هو ما يصيبهم الله عز وجل في الأرض من القحط والجدب وغلاء الأسعار وغير ذلك، وتصيبنا هذه المصائب ونكثر من المهرجانات والملهيات وغير ذلك، مما يغفل الناس ويقصي القلوب ويعرض بالناس عن الالتفات إلى معالجة هذه الأمور بل يزيدون منها ويُزيدون، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولم يبقى إلا العقوبة المستأصلة لكن الله سبحانه وتعالى رءوف بالعباد يؤجلهم لعلهم يتوبون.

 

ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضه ما سقي كافرا منها شربة ماء” رواه الترمذى، فإنها بقدرة الله سبحانه وتعالى تشعر عندما تقف على أي جسم بسمكة، وهل هذا الجسم جسم إنسان أو حيوان، وهذه الدابة لها خرطوم تمتص به غذاءها من الدم، وهذا الخرطوم مجوف من الداخل ولم يستطع العالم حتى الآن صنع إبرة خياطة مجوفة بهذا الحجم الدقيق، فسبحان من خلقه بقدرته وعظمته ولعل الغريب في هذا أن الله ذكر هذه الدابة في أول القرآن في سورة البقرة “إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها” فهذه الآيات تدلنا إلى أن جميع مخلوقات الله سبحانه من أصغرها إلى أكبرها هي آية دالة على استحقاق الله عز وجل للعبادة دون سواه.

 

وإن بدت هذه الحشرة تافهة، فقد أودع الله سبحانه فيها من آياته وقدرته ما تتحير بها العقول، فالله سبحانه وتعالى في هذه الآيات لا يستحي أن يضرب مثلاً بالبعوضة، التي قد يعتبرها بعض الجهال مخلوقاً تافها، لكن الله لا يستحي أن يضرب مثلا بها، وذلك ليدلنا على آيات عظمة خلق البعوضة حتى نكتشف بديع صنع الله تبارك وتعالى في البعوض، وهذه البعوضة إذا طارت، سُمع لها طنين، ومعنى الطنين، أن عدد خفقان أجنحتها أربعة آلاف خفقة في الثانية الواحدة، وأن لها ثلاثة قلوب قلب مركزي، وقلب لكل جناح، وأن في أرجلها محاجم، وأن في أرجلها مخالب، فإذا وقفت على سطح خشن تستخدم المخالب، وإذا وقفت على سطح أملس تستخدم، وإن للبعوضة أكثر من مئة عين.

 

وعيون البعوضة بالمجهر المكبر تشبه خلية النحل، وعندها مستقبلات حرارية، واحد من الألف من درجة الحرارة تتحسسها البعوضة، وترى الشيء الحار بلون آخر، لذلك تتجه إلى جبين الصبي على فراشه دون أن تخطئه بفعل مستقبلات الحرارة التي زودت بها من قبل الله عز وجل، وهذه المستقبلات تميز بين تطور حرارة يقل عن واحد بالألف من درجة الحرارة، وعندي صورة كيف أن البعوضة بهذه المستقبلات ترى الأشياء والألوان خاصة بحسب الحرارة، لذلك عبروا عن هذه الحقيقة بالرادار، تتجه إلى جبين الصبي، فهذه الدابة الصغيرة لا يعلم شأنها وأهميتها إلا الله سبحانه وتعالى، فذكرها في أول القرآن الكريم وكذلك ختم الله سبحانه وتعالى القرآن بما يخص الدواب أكبر دابة وهي الفيل.

 

“ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل” والعجيب والغريب أن الدابتين لهما خرطوم، ولكن شتان بين خرطوم البعوضة وخرطوم الفيل، فسبحان من له الحكم والعلم ولا يطلع على علمه أحد، ولقد تبين للناس في العصر الحديث أن هذه البعوضة الصغيرة الحجم لها أهمية كبرى، فقامت الأبحاث والدراسات، فأنشأت المعاهد في أنحاء أوروبا باسم البعوض، لأن هذه الدابة تقتل ملايين الأشخاص سنويا عن طريق انتقال مرض الملاريا، وحمى الضنك وغيرهما، ونذكر موقف البعوضه مع النمرود، حينما سأل النمرود إبراهيم عليه السلام من ربك؟ فأجابه “ربي هو الذي خلق كل شيء وهو الذي يحيي ويميت”

 

فرد عليه النمرود قائلا أنا الذي أحيي وأميت، فرد عليه نبي الله إبراهيم عليه السلام وقال له “إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب” فحينها شعر النمرود بالعجز والذل، وزاد تمردا وطغيانا، إلا أن الله عز وجل حاربه بشيء بسيط جدا وهو البعوض ، حيث أمر الله عز وجل أن تدخل بعوضة من أنفه إلى دماغه، وكان لا يستريح إلا عندما يضربه أحدهم على رأسه بالنعال، واستمر على هذا الحال حتى توفى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى