مقال

الدكروري يكتب عن شفاعة الرسول يوم القيامة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن شفاعة الرسول يوم القيامة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد وصف أبو سفيان بن حرب قبل إسلامه النبي صلي الله عليه وسلم فقال “ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحُب أصحاب محمد محمدا” وفي معاملته صلى الله عليه وسلم لأصحابه من حسن الخلق ما لا يخفى، ولذلك صور عديدة منها، هو تلطفه صلى الله عليه وسلم وتباسطه مع أصحابه وممازحتهم، فقد كان أحد الصحابة رجلا دميما وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوما، وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال الرجل أرسلني من هذا؟ فالتفت فعرف النبى صلى الله عليه وسلم، وجعل النبى صلى الله عليه وسلم، يقول ” من يشترى العبد ” فقال يا رسول الله، إذا والله تجدني كاسدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لكن عند الله لست بكاسد”

 

أو قال ” لكن عند الله أنت غال” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح معهم، ولا يقول إلا حقا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إنى لا أقول إلا حقا” وقال بعض أصحابه ” فإنك تداعبنا يا رسول الله” فقال صلى الله عليه وسلم ” إنى لا أقول إلا حقا” رواه أحمد، وكان الصحابة رضي الله عنهم يمازحونه لعلمهم بتواضعه وكريم أخلاقه معهم، فقال عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه ” أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى غزوة تبوك، وهو فى قبة من أدم أى فى خيمة من جلد، فسلمت عليه فرد ، وقال ” ادخل ” فقلت، أكلى، وقال ذلك من صغر القبة، يا رسول الله، قال ” كلك ” فدخلت ” رواه أبو داود.

 

وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم صهيب الرومى، وهو يأكل تمرا وبعينه رمد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ممازحا ” أتأكل التمر وبك رمد ” فقال صهيب ” إنما آكل التمر على شقى الصحيح ليس به رمد ” فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه الحاكم، وهكذا هناك صور عظيمة لرسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم، ومن أعظم هذه الصور شفاعته، صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لأمته، والتي قال الله عز وجل له فيها” يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطى، واشفع تشفع” وإن الشفاعة العظمى هي المقام المحمود الذي يذهب فيه الأولون والآخرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع لهم عند ربهم، فقال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى كما جاء فى سورة الإسراء.

 

” عسى أن يبعثك ربك مقما محمودا ” وقال ابن عباس رضى الله عنهما هذا المقام المحمود مقام الشفاعة، وكذا قال ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقالها لحسن البصرى، وقال قتادة هو أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله تعالى” عسى أن يبعثك ربك مقما محمودا ” قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما تشريفات يوم القيامة لا يشركه فيها أحد، وتشريفات لا يساويه فيها أحد، فهو أول من تنشق عنه الأرض، ويبعث راكبا إلى المحشر، وله اللواء الذي آدم فمن دونه تحت لوائه، وله الحوض الذي ليس في الموقف أكثر واردا منه، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق، وذلك بعدما يسأل الناس آدم ثم نوحا.

 

ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى، فكل يقول “لست لها” حتى يأتوا إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فيقول “أنا لها، أنا لها” وقال الطبري ” لعل ربك أن يبعثك يوم القيامة مقاما” تقوم فيه محمودا تغبط فيه، ثم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك المقام المحمود، فقال أكثر العلم، ذلك هو المقام الذي هو يقومه يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم” فحين يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، وتدنو منهم الشمس، في يوم مقداره خمسين ألف سنة، ويبلغ الغم والكرب منهم ما لا طاقة لهم به، يُكلم بعضهم بعضا، في طلب من يكرم على الله عز وجل ويشفع لهم عند ربهم، فلم يذهبوا لنبي إلا قال نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري.

 

حتى ينتهوا إلى نبينا ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع لهم، ويُقال له ” يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطى، واشفع تشفع” وإن شفاعة نبينا ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من خصائصه، ومن آيات فضله وكرامته، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلى، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لى المغانم ولم تحل لأحد قبلى، وأعطيت الشفاعة” وكان النبى صلى الله عليه وسلم يبعث إلى قومه خاصه وبعثت إلى الناس عامه ” رواه البخارى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى