مقال

الدكروري يكتب عن مصائب هذا الزمان 

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن مصائب هذا الزمان 

بقلم / محمــــد الدكـــروري

إن من أعظم المصائب التي عمت وطمت في هذا الزمان الجشع والطمع والحرص على جمع المال من كل الطريق وبكل وسيلة ممكنة بغض النظر عن كون هذه الوسيلة تجوز أو لا تجوز حلالا كانت أو حراما، فهذا تاجر يغش الناس بسلعته وذاك موظف لا ينهض بمسئولية وظيفته والآخر يمنع أصحاب الحقوق حقوقهم مع غناه وقدرته وهذا يرتشي وذاك يسرق والآخر يلف ويدور ويكذب والرابع يغش ويحتال وينصب وذاك يتعامل بالربا وهذا يتاجر بما يفسد عقول الناس ويدمر حياتهم، فإننا في زمان لم يعد بعض الناس يبالى فيه بما أكل أمن حرام أو من حلال ولا يهمه أن يغذى أهله وأولاده من الحرام أو الحلال، فإن هذا الزمان أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقال ” يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام؟” رواه البخارى. 

فأنظر إلى أسواقنا لتسمع الأيمان الكاذبة وترى الغش الواضح وتطفيف المكيال والميزان واختلاس الأموال وبيع ما لا يجوز بيعه واللف والخداع والقمار ويقول الله تعالى فى كتابه الكريم ” كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى” فإن المال الحرام والمكاسب المحرمة تقسي القلب وتطفئ نور الإيمان وتذهب البركة وتعمي البصيرة، وتوهن الدين ، وتظلم الفكر، وتقعد الجوارح عن الطاعات، وتوقع المرء في حبائل الدنيا وغوائلها، وتمنع إجابة الدعاء، فقد ذكر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذى بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟ ولهذا فإن السلف رضي الله عنهم كانوا في قمة الحذر وفى غاية الخوف من أن تصل إلى أجوافهم ولو لقمة من الحرام. 

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم خير خلق الله وأتقاهم لله يقول “إني لأنقلب إلى أهلى فأجد الثمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها” وهذا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه كان لا يأكل إلا من كسبه وفي يوم من الأيام جاءه غلامه بشيء فأكل منه ثم قال الغلام لإبي بكر أتدري ما هذا، فقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه وما هو ؟ قال كنت تكهنت لرجل في الجاهلية فأعطانى فأدخل الصديق أصبعه في فيه وجعل يقيئ حتى ظن أن نفسه ستخرج، ورُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب لبنا فأعجبه، فقال للذي سقاه من أين لك هذا؟ فقال مررت بإبل الصدقة وهم على ماء فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء، وهذه إمراءة من الصالحات تقول لزوجها اتق الله في رزقنا.

فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار، وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فلان شهيد، وفلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “كلا، إني رأيته في النار في بردة أو عباءة غلها” يعني أخذها من الغنيمة قبل أن تقسم، فانظروا إلى رجل يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يكرمه الله بالشهادة ولكن لأنه أخذ حراما ربما يراه بعض الناس منا يسيرا بردة أو عباءة أخذها من غنيمة شارك هو في القتال فيها، ومع ذلك كله قال النبي صلى الله عليه وسلم “كلا، إني رأيته في النار ” فالأمر خطير جدا جدا ياعباد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى