مقال

نادرا ما تكون طبقة رجال الدين بجانب الفقراء

جريدة الاضواء

نادرا ما تكون طبقة رجال الدين بجانب الفقراء
كتب / يوسف المقوسي

الإنسان ليس القيمة النهائية عند الرأسمالية، ولا عند الدين. هو وسيلة لإنتاج الثروة التي تراكمها الرأسمالية. وهو في آن معا وسيلة للعبادة في الدين. يبدو أن الله بنظر الدين يحتاج الى الاعتبار والمزيد منه. والرأسمالية تحتاج الى الثروة وتراكمها؛ بلا حدود في الحالتين. لذلك ليس غريباً أن يتحالف أهل الدين وأهل الرأسمالية. يتحالفان على أن الإنسان وسيلة أو أداة وليس غاية في ذاته.
ليس غريباً أن يتطابق اللفظ في الدين والديْن. ما عدا تحريك الياء في كل من الكلمتين؛ كسرة على الأولى وسكون على الثانية. الله هو الديّان والرأسمالية هي الدائن. كل منهما يعتبر دوره أساسياً، بل وحيداً، في إنشاء البشرية. لولا استثمارات الرأسمالية لما استطاع الإنسان البقاء، ولولا الدين لما خُلِقَ أصلاً. الحياة ديْن من الله ومستلزماتها للبقاء ديْن من الرأسمالية. لذلك ليس غريباً أن يتحالف أصحاب الدين مع الرأسمالية. والهدف واحد وإن اختلفت الوسائل اختلافاً طفيفاً. كلاهما قائم على فكرة أن الإنسان مخلوق ليكون مديوناً، ولكي يخضع للديّان. القوة الايديولوجية للديّان تساعد أو تتحالف مع صاحب الديْن لاستيفاء الديْن. يدفع الناس الضرائب لإيفاء ديْن ما. الخلق ديْن. يُمنح كمنة على الإنسان، وعلى هذا الأخير تقديم بدل عنها، وفي الغالب يكون البدل اقتصادياً.
كان وما يزال طبيعياً أن يتحالف أصحاب الدين مع أصحاب الرأسمال. وقد تحالف أصحاب الدين في جميع الأنظمة الاجتماعية السابقة للرأسمالية مع الطبقة التي تستغل الآخرين، ومع الأنظمة التي تمارس الاستبداد لإخضاع الآخرين واستيفاء جزء من عمل العامل والفلاح وبقية الكادحين. هي استيفاء لقاء منة الخلق في الدين أو لقاء منة البقاء في النظام الاجتماعي الرأسمالي. لذلك كان، وما يزال، حتمياً أن تتحالف المؤسسة الدينية مع الرأسمالية، وقبلها مع الاقطاعية ، وكل الطبقات العليا في الأنظمة الاجتماعية الطبقية السابقة واللاحقة، سواء في الأنظمة السياسية الديمقراطية أو الاستبدادية.
نادراً ما تكون طبقة رجال الدين بجانب الفقراء. فهي في الأساس تحتقر الإنسان، وتعتبره وسيلة أو أداة؛ موجود من أجل غيره. ليس قائماً بذاته يستحق أن يكون محور الاهتمام، تدور الحياة حوله ولا يكون مهمشاً حول الحياة، هذه التي تستأثر بها الطبقات العليا؛ على الأقل تستأثر بمباهجها التي تستهلكها بفضل ما تقتطعه من عمل الكادحين المهمشين، وهم أكثرية البشرية.
يقول لنا الدين أن قيام الساعة فعل إلهي. يبدو أن المهمة أخذتها الرأسمالية على عاتقها. فهي بما تحدثه من فوضى مناخية وأوبئة (وقد كُشِفَ مؤخراً بأن الكورونا وباء مصنّع بشرياً) سوف تأخذ البشرية الى نهايتها. على كل حال، المجاعات الناتجة عن إفقار معظم البشرية والحروب المفتعلة، التي ما تزال الرأسمالية تشنها ضد أعداء حقيقيين أو وهميين، وفي مواجهة تهديدات حقيقية أو وهمية، أو مصطنعة كما في أوكرانيا، هي كفيلة بالقضاء على قسم كبير من البشرية في حرب إبادة يكون النووي هو السلاح المعتمد فيها، والتلويح باستخدامه هو قيد التداول. والتلويح كلام، “والحرب أولها كلام” كما قال الشاعر. السلاح من جميع الأنواع التقليدية وغير التقليدية يشكل جزءاً كبيراً من الإنتاج الرأسمالي والتجارة العالمية. وكثير من بلدان العالم الفقيرة ترزح تحت الديْن لشراء السلاح لمواجهة أخطار محتملة أو تعمل على تحقيقها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى