مقال

الدكروري يكتب عن الإعتداء على الممتلكات العامة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإعتداء على الممتلكات العامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من واسع فضل الله تعالي على العباد أنه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وأنه سبحانه وتعالى يغفر الذنوب كلها، فعلى العبد ألا يقنط من رحمة ربه وإن عظمت ذنوبه وكثرت آثامه وإن من آثار الاستغفار أنه سبب لنزول الغيث المدرار، وحصول البركة في الأرزاق والثمار، وكثرة النسل والنماء، وقد نهي الله عز وجل في كتابه الكريم عن تعدي الحدود وعن الإعتداء علي حقوق الآخرين وكذلك الإعتداء علي الحق العام من ممتلكات للدولة ومشاريع ومنشئات وهيئات وغير ذلك من الأملاك العامه، وإن من صور الاعتداء على الممتلكات العامة والمال العام، هو الغش، وأكثر ما يكون هذا في تنفيذ العقود، فبعض الشركات التي تقوم بتنفيذ عقود المقاولات والأشغال العامة كالطرقات والمباني والسدود وغيرها.

لا تفي بالشروط والمواصفات التي يتم الاتفاق عليها، ثم تأتي مناقصة أخرى لنفس المشروع لإصلاح ما فسد منه، وتستخدم الرشوة أو الهدية، أو أي مسمى آخر، وسيلة لتسهيل مثل هذه الصفقات والمعاملات، فتضيع وتهدر أموال وحقوق، وربما تعرض المجتمع للخطر فالسد الذي لم يبنى بالمواصفات الصحيحة ربما أغرق الحرث والنسل، والمدرسة ربما سقط سقفها على أبنائنا، وفلذات أكبادنا، والطريق ربما أزهقت بسببه أرواح، وأتلفت أموال، وغير ذلك، وقد حذر سبحانه وتعالى من ذلك، فقال تعالى فى سورة البقرة “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون” وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي” رواه أبي داود.

وعن أبي حميد الساعدي قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد، يُقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم، قال هذا لكم وهذا أهدي لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم “فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منكم شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر “أي تصيح، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال”اللهم هل بلغت” ثلاث، رواه البخاري و مسلم، فكذلك الوالي أو الحاكم أو الوزير أو مدير المؤسسة، هلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى يهدى له، فإذا أهدي له على أساس الوظيفة فهو ملك عام ليس هو مستحقا له، بل لابد أن يضعه في بيت مال المسلمين العام، ولا يحل له التصرف في شيء منه، ولذلك كانت مساءلة الولاة والحكام.

وأصحاب المناصب عما في أيديهم من أموال وممتلكات وسيلة من وسائل الحفاظ على المال العام، والممتلكات العامة، وأسلوبا لزجر المعتدي عليها حتى لا تستغل المكانة والنفوذ في إهدار المال والعبث به والاستيلاء عليه، وقد سأل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا هريرة رضى الله عنه واليه على البحرين “من أين اجتمعت له عشرة آلاف درهم؟ فأجاب أبو هريرة رضى الله عنه خيلي تناسلت، وعطائي تلاحق، وسهامي تلاحقت، فأمر بها عمر فقبضت” وثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عاقب الصحابي أنس بن مالك لأنه فرط في حفظ ستة آلاف درهم من الأموال العامة استودعها عند أنس، فضمنه إياها، ويبدو من السياق أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه شعر بوجود إهمال في حفظها، ولم يتهم أنس بالخيانة والسرقة، لكنه تحملها لمجرد الإهمال في حفظها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى