مقال

الدكروري يكتب عن خذوا ما آتيناكم بقوة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خذوا ما آتيناكم بقوة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد جاءت الشريعة الإسلامية بكثير من القيم الخلقية التي ينبغي على العامل أن يلتزم بها ويحرص عليها في أداء عمله، ولعل من أبرز هذه القيم هي القوة وهي نقيض الضعف، وتستخدم تارة بمعنى القدرة كما في قوله عز وجل ” خذوا ما آتيناكم بقوة” وتارة أخرى بمعنى التهيؤ الموجود في الشيء، نحو أن يُقال النوى بالقوة نخل، أي متهيئ ومترشح أن يكون منه ذلك، وهذه القدرة تكون في البدن، وهي قوة حسية كما في قوله تعالى في سورة فصلت ” وقالوا من أشد منا قوة” وتكون أيضا في القلب وهي قوة معنوية، كما في قوله تعالى ” يا يحيي خذ الكتاب بقوة” أي تعلم الكتاب بجد وحرص واجتهاد، وكما ينبغي أن يتصف العامل بصفة القوة الحسية والمعنوية ليكون مؤهلا للعمل الذي يقوم به، وذلك بأن يتخذ جميع الوسائل والأساليب المشروعة التي تجعله قويا في بدنه وجاهزيته للعمل. 

وقويا في جده واجتهاده، وكما ينبغي أن يتصف العامل بصفة القوة الحسية والمعنوية ليكون مؤهلا للعمل الذي يقوم به، وذلك بأن يتخذ جميع الوسائل والأساليب المشروعة التي تجعله قويا في بدنه وجاهزيته للعمل وقويا في جده واجتهاده وقويا في معلوماته ومهاراته وفي إدراكه لاحتياجات ومتطلبات العمل الذي يرغب في القيام به ليحقق أقصى درجات الخدمة للمنتفعين من هذا العمل ولذا جاء وصف موسى عليه الصلاة والسلام على لسان ابنة الرجل الصالح شعيب بالقوي الأمين، وتختلف محددات القوة ومعاييرها من عمل إلى آخر، وذلك بحسب طبيعة هذا العمل والقدرات الذاتية اللازمة للقيام به، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والقوة في كل ولاية بحسبها؛ فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب وإلى الخبرة بالحروب، وإلى القدرة على أنواع القتال.

والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العمل بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة، وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام، والأمانة ترجع إلى خشية الله، وألا يشتري بآياته ثمنا قليلا، وترك خشية الناس، وكما أن من أهم الأخلاق التي يجب أن يتصف بها العامل هي الأمانه لأنها من الدين، ولثقلها أبت السماوات والأرض والجبال حملها وحملها الإنسان، وجاء في القرآن الكريم ما يؤكد أهمية هذا الخُلق الكريم في العامل في أكثر من موضع، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم مؤكدا على أهمية الأمانة “لا إيمان لمن لا أمانة له” ويقول كذلك “أدي الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” والأمانة في نظر الإسلام واسعة الدلالة فهي ترمز إلى معاني شتى، مناطها جميعا شعور المرء بتبعته في كل أمر يوكل إليه، وإدراكه الجازم بأنه مسؤول عنه أمام ربه على النحو الذي فصله الحديث الكريم. 

“كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته” وكما أن للأمانة معاني وصور كثيرة، منها أن يحرص العامل على وقت العمل، وأن يستثمره في سرعة إنجاز العمل الموكول إليه، وأداء واجبه كاملا في عمله مصنعا كان أو مزرعة أو متجرا أو مكتبا أو غيره، وعدم إضاعة الوقت وتبديده في الانشغال بأمور لا علاقة لها بالعمل، سواء كان ذلك داخل مقر العمل أو خارجه، ويقتضي ذلك منه أن يرعى حقوق الناس التي وضعت بين يديه فليس أعظم خيانة من رجل تولى أمور الناس فنام عنها حتى أضاعها، وكما أن يجتنب في أداء عمله الغش بكافة أشكاله وصوره، فهو محرم شرعا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “من غشنا فليس منا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى