مقال

السفير إيلدار سليموف والذكرى الـ33 لمأساة العشرين من يناير (1)

جريدة الاضواء

السفير إيلدار سليموف والذكرى الـ33 لمأساة العشرين من يناير (1)
الأكاديمي مروان سوداح
ـ مؤسس ورئيس (اللوبي العربأذري) للصحفيين والإعلاميين والصحفيين وأصحاب الكلمة الحق لتعميق وتمكين العلاقات العربية الأذربيجانية.
خطَّ سعادة السيد السفير الهمام إيلدار سليموف بقلمه السَّيَال الكثير من الحقائق الغائبة عن ملايين البشر، فقد عَرَّى سعادته بطش الاستعمار الأرميني الذي نَظَّمَ بدقة همجية وبالعنف مأساة تاريخية ألحقها بالشعب الأذربيجاني الشقيق، الذي تعرّض للعسف والعدوان والذبح والصلب والسحل على أيدي جيش أرمينيا التوسعية.
لقد كشف سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية السيد إيلدار سليموف، عن الكثير من المآسي التي ارتكبتها أرمينيا جيشاً وقيادةً بحق الأذربيجانيين المسالمين، منذ 20 يناير عام 1990، حين اقتحمت الوحدات العسكرية التابعة للجيش السوفييتي العاصمة باكو على وجه الخصوص، بغية قمع أصوات الشعب الأذربيجاني المطالِبة بالاستقلال والحرية، ورغبتها بإدارة نفسها بنفسها، وبالرغم من أن أذربيجان كانت أحدى الجمهوريات السوفييتية “الشقيقة!”، إلا أن الأمر صدر للجيشين الأرميني والسوفييتي بالتحرك وممارسة قمع الشعب الأذربيجاني السوفييتي. صدر هذا الأمر بإهراق وإراقة دماءِ الأذربيجانيين من قيادة الدولة السوفييتية بالذات، أي من المؤسسة القيادية والأمنية للحكم والتي أدارها آنذاك المُخرب ميخائيل غورباتشوف المفصول في تاريخه البغيض من عضوية الحزب الشيوعي السوفييتي، والذي أُعيد إلى عضوية الحزب بقدرة قادر!!!، بل وأزيد من ذلك، إسناد أعلى المناصب إليه “بالواسطة التي قادها مخربون للدولة والحزب والشعب”، ومن بعده بوريس يلتسين، شارب الخَمْر الأبله، و”السكِّير الشهير” الفاقد لوعيه ليلاً ونهاراً، والاثنان بَدَّلا اسميهما الحقيقيين المولودين بهما إلى أخرى، لتعمية الرأي العام السوفيييتي والعربي والعالمي، لئلا يَتَكَشَّف ويُكْتَشَف مَن هُما في واقعهما المَجبول بالعمالة لقوى خارجية كبرى، وما هي أهدافهما الدموية بحق المدنيين العُزَّل من الأذربيجانيين، وحتى من الروس أيضاً، المعارضين لمنهجهما القتّال.. الروس الذين أَهرقت الدبابات دماء عدد كبير منهم أيضاً بأوامر عليا إنما تَحكي الكثير من مآسي الحرب على أذربيجان والشعب السوفييتي، وتسرد وتكشف وتفضح تفاصيل كانت غامضة لنازية مغتصبي الحُكم السوفييتي وفداحة ما ارتكبه المجرمون بحق الإنسانية برمتها.
السفير النابه سليموف، ارتأى بعينه الثاقبة وخبراته العملية المكتسبة، تعريف الأردنيات والأردنيين على واقع شعبه الأذربيجاني الشقيق لنا، وعَرَضَ تاريخه المَجبول بالحلو والمر. الحلو، هو أن أذربيجان حُلْوَة المَذاق حقاً، عَذْبة، ولَذِيذة، ومُسْتَطَابة، وشعبها بَهيٌ، وزعيمها الرئيس إلهام علييف حكيم، وعاقل، ويتمتع بشمائل دبلوماسية وسياسية يَقل مثيلها في العالم، وهو إلى ذلك حاذق، ورث كل هذه الشمائل عن المرحوم والده حيدر علييف، الشخصية السياسية والدولية البارزة لدولة أذربيجان، والزعيم الإنساني – القومي لها، إذ تولى دَفَّة القيادة على مدى ثلاثة عقود، وكان رحمه الله محبوباً لدى كل قوميات وجميع شعوب الاتحاد السوفييتي، الذين كانوا يَكنّون له عميق الإعجاب، ودوام الاحترام، ولهذا، كانوا يطلقون عليه اسم: “الأب”.
أعاد السيد سليموف إلى أذهاننا تلك الصور المُدمَّاة لمآسي ستبقى حاضرة وماثلة في أذربيجان وشعبها والدول والأمم الصديقة والشقيقة لها ضمنها الأمة العربية الممتدة من الخليج إلى المحيط، حيث باتت دماء الأبناء والبنات الأبرياء من شعب أرض النار فجر 20 يناير من عام 1990 ، تسيل في شوارع العاصمة باكو، وذلك في محاولة يائسة من القيادة السوفييتية المتعجرفة والعميلة التي خانت شعبها، إلهاء قوميات “الاتحاد” بصراعات قاتلة لا نهاية لها، بل و وصل بها الأمر حد توجيه عسكرييها المدججين بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والآليات الحربية.. لقتل الأذريين وغيرهم من المسالمين والسلميين، مِمَّن لم يحملوا أي سلاح كان ما كان، ليسقط منهم عدد ضخم كان يُطالب بالحرية والاستقلال عن القيادات الخَرِفَة للاتحاد السوفييتي وإجرام هذه القيادات وعَمَالَتَهَا المُرتهَنة لقوى خارجية توسعية جغرافياً وقتّالة.
لقد كانت المحصلة النهائية لتلك المذبحة بحق الأذربيجانيين العُزَّل، مئآت المدنيين المسالمين، بينهم عدد كبير من المصابين بجروح وحروق مختلفة الدرجات، ناهيك عن الخسائر غير البشرية، المادية والمعنوية، وكانت فادحة للغاية، غير أن القسوة البَاهِظة الثمن والجَسِيمة التي صُوِّبَتْ نحو صدور السوفييت والشعب الأذربيجاني وأشقائه من خلال قمع “الفردانية”، لم تسفر عن نتيجة منشودة وضعها حاكم فردي مخلص للشيطان هو الرئيس المقبور ميخائيل غورباتشوف. لقد كان القتل المُمَنهج للأذربيجانيين مُبرمجاً، ما عَزَّز من عزيمة وإرادة الشعب الأذربيجاني لنيل استقلاله وحريته خارج النطاق السوفييتي وقياداته الأولى الإجرامية.
عودة على بدء، كانت مقدمات هذا العدوان في عام 1988، قد إتضحت حين حاول زعماء الحزب الشيوعي السوفييتي السابق فصل منطقة «قره باغ» – التي هي جزء لا يتجزأ تاريخياً من أذربيجان- لِضَمَّهَا إلى جمهورية أرمينيا التي هي ويرفان العاصمة في الأصل أرض أذربيجانية محض. ونتيجة لاختلال موازين القوى ونفوذ الأرمن لدى قيادة الاتحاد السوفييتي، فقد احتلت أرمينيا منطقة “قره باغ” وعدد من المناطق الأخرى التي تمثل 20 في المئة من مجموع مساحة أذربيجان، ونجحت بهذا الاحتلال المباشر والبشع بمساندة ودعم مطلق من قيادة وقوات أزلام النظام السوفييتي، وبالتالي، تم تهجير وتشريد السكان الأصليين الأذربيجانيين من أراضيهم التاريخية.
لقد هبَّ الشعب الأذربيجاني الشقيق وانتفض، وكان هذا التحرّك نتيجة طبيعية للعدوان الغاشم على أراضيه في تلك المرحلة الزمنية التي شهدت مقاومة الأذربيجانيين لاحتلال أرمينيا أرضهم الأذربيجانية التاريخ والقسمات والهواء والتراب، فنظَّموا المظاهرات الحاشدة السلمية التي كانت تعبيراً جلياً ومباشراً عن رفض واستنكار سياسة النظام السوفييتي السابق وأزلامه المتآمرين على شعبهم السوفييتي بالذات، ومساندتهم غير العادلة ودعمهم المتواصل لارمينيا التوسعية في مواجهة الحقائق التاريخية والوقائع المثبتة في المراجع التاريخية الوازنة. وللحديث بقية تأتي.
ـ ملاحظة هامة: هذه المقالة تُعيد نشر أجزاء من مقالة سعادة سفير جمهورية أذربيجان السيد إيلدار سليموف، وتعرض إليها، وتزيد عليها بأسلوب الكاتب مروان سوداح، بغية مزيدٍ من كشف أسرار كثيرة ومؤامرات أتت على شعب أذربيجان ودولته ذات البُعد التاريخي العريق والطويل، الضارب جذوره في “أرض النار” – أذربيجان القوقازية الطهور، التي شهدت إزالة الأنجاس والأخباث وتطهيرها من رجس المُحتلين الأرمينيين بمختلف تنظيماتهم جيشاً وميليشيات وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى