مقال

الدكروري يكتب عن عمر والزوجة الصالحة أم كلثوم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عمر والزوجة الصالحة أم كلثوم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن زهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعن حياته ومولدة، وكيف كان زاهدا في الدنيا مقبل علي الآخرة، ولكن كيف كان موقف الزوجة الفتية أم كلثوم من هذا كله؟ فيروى أن ملك الروم كاتب أمير المؤمنين عمر وتقرب إليه ببعض الهدايا، فلما قدم البريد من ملك الروم إلى عمر بن الخطاب أرادت الزوجة الصالحة أم كلثوم أن تشارك زوجها شيئا من مسؤوليات الخلافة ومهماتها، فأرسلت مع البريد إلى زوجة الملك قوارير من طيب، فلما وصلت هديتها إلى زوجة ملك الروم أرسلت بدورها عقدا فاخرا، عندما وصل العقد إلى يد أم كلثوم نظرت إليه بدهشة، وأدركت من فورها أن ذلك سيسوء زوجها، الذي يأبى على نفسه أن ينتفع من صلاته بالخلافة وعوائدها بشيء.

ومع ذلك لم تخف ذلك عن زوجها، متأولة أنه من حقها وأن تشدده على نفسه لا ينبغي أن يطال أسرته، بل كانت له نعم الزوجة الصالحة المعينة على الخير، صدق حدسها فما إن سردت على زوجها ما حدث حتى طلب منها أن تعطيه العقد، ففعلت عن طيب خاطر منها، فباعه وعوضها بمقدار ما أنفقت من ثمن الطيب ثم دفع الباقي إلى بيت مال المسلمين، ولعل أم كلثوم تذكرت آنذاك حادثة شبيهة بتلك، جرت مع ابن زوجها عبد الله بن عمر، حين اشترى عبد الله إبلا هزيلة وأرسلها إلى الحمى حيث يرعى المسلمون أنعامهم، فما مضى وقت قليل إلا وسمنت هذه الإبل، فلما دخل عمر السوق لفت نظره تلك الإبل السمينة، فسأل لمن هي، فقالوا لعبد الله بن عمر، فتغير لونه واستدعى ابنه على الفور.

فلما قدم سأله غاضبا ما هذه الإبل يا عبد الله؟ لم يدرك عبد الله سر غضب والده فأجابه متلطفا إبل هزيلة يا والدي اشتريتها، وبعثت بها إلى الحمى ابتغي بها ما يبتغي المسلمون، فقطب عمر جبينه وقال بحدة، ويقول المسلمون ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله خذ رأس مالك واجعل الربح في بيت مال المسلمين، وعندما تذكرت أم كلثوم هذه الحادثة وربطتها بحادثة العقد جرت دمعة على وجهها وهي تتمتم في سرها، كان الله في عونك يا أمير المؤمنين وجعلني سندا لك فيما حملته من أمانة الخلافة ومسؤولياتها، وقيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يحب الحسن والحسين رضي الله عنهما ويجلهما فهما من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد قال فيهما النبي صلى الله عليه وسلم أحب الله من أحبهما، ويروى في هذا أن حللا من اليمن أتته فوزعها على من حضر من الناس، فلما انتهى من التوزيع لمح الحسن والحسين قادمين فبدى الأسف على وجهه، أتعلمون لماذا؟ لأنهما لم يبقي لهما من تلك الحلل شيء، فكتب إلى واليه على اليمن أن ابعث بحلتين للحسن والحسين وعجل بهما، فأرسل إليه حلتين جميلتين فكساهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى