مقال

الإمام الشافعي ” جزء 1″

الإمام الشافعي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

لقد كان العلماء الربانيون متخصصين بالعلوم الدينية، والمعارف الإسلامية، قد أوقفوا أنفسهم على خدمة الشريعة الإسلامية، ونشر مبادئها وأحكامها، وهداية الناس وتوجيههم وجهة الخير والصلاح، فجدير بالمسلمين أن يستهدوا بهم، ويجتنوا ثمرات علومهم، ليكونوا على بصيرة من عقيدتهم وشريعتهم، ويتفادوا دعايات الغاوين والمضللين من أعداء الاسلام، ولا يوجد شك أن العلماء الملتزمين بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لهم مكانة كبيرة في الإسلام، حددها الله ورسوله، والعلماء هم من انطبقت عليهم الخيرية، التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ” من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين” والعلماء هم الذين يتدبرون هذا الكتاب العجيب، ومن ثم يعرفون الله معرفة حقيقية، ثم يخشونه حقا، ويتقونه حقا،ويعبدونه حقا” فهم أخشى الناس لله.

 

وأعبد الناس له، والعلماء لا يستوون هم وبقية الناس فهل يستوي هذا العالم والذي قبله ممن جعل لله أندادا ليضل عن سبيله؟ إنما يعلم الفرق بين هذا وهذا من له لب وهو العقل” وهل يستوي الذين يعلمون ما لهم في طاعتهم لربهم من الثواب، وما عليهم في معصيتهم إياه من التبعات، والذين لا يعلمون ذلك، فهم يخبطون في عشواء، فلا يرجون بحسن أعمالهم خيرا، ولا يخافون بسيئها شرا؟ فالإمام الشافعي هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف، ويلتقي الشافعي مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في جده عبد مناف، فالإمام الشافعي رحمه الله عليه قرشي أصيل، أما أمه فإن أكثر من أرخ للشافعي أو ترجم له قد اتفقوا على أن أمه أزدية أو أسدية، فهي من قبيلة عربية أصيلة.

 

وقد ولد الإمام الشافعي بغزة في شهر رجب سنة مائة وخمسون من الهجرة الموافق شهر أغسطس لعام سبعمائة وسبع وستون ميلادى، ولما مات أبوه انتقلت به والدتة إلى مكة، المكرمة وذلك لأنهم كانوا فقراء، ولئلا يضيع نسبه، ثم تنقَل بين البلاد في طلب العلم، وكان الشافعي رحمه الله فقيه النفس، موفور العقل، صحيح النظر والتفكر، عابدا ذاكرا، وكان رحمه الله محبا للعلم حتى انه قال ” طلب العلم افضل من صلاة التطوع ” ومع ذلك روى عنه الربيع بن سليمان تلميذه أنه كان يحي الليل صلاة الى ان مات رحمه الله وكان يختم في كل ليلة ختمة، والامام الشافعي هو احد الائمة الاربعة عند أهل السنة واليه نسبة الشافعية كافة، وكان أبوه قد هاجر من مكة الى غزة بفلسطين بحثا عن الرزق لكنه مات بعد ولادة محمد بمدة قصيرة فنشأ محمد يتيما فقيرا.

 

وأما عن شافع بن السائب فهو الذي ينتسب اليه الإمام الشافعي وقيل أنه قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أسر أبوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم أسلم، ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، وأما عن أمه فهي يمانية من الأزد وقيل من قبيلة الاسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، وقيل ان ولادة الشافعي كانت في عسقلان وقيل بمنى لكن الاصح ان ولادته كانت في غزة بفلسطين عام مائة وخمسون من الهجرة وهو نفس العام الذي توفى فيه الإمام أبو حنيفة، ولما بلغ سنتين قررت امه العودة وابنها الى مكة لاسباب عديدة منها حتى لايضيع نسبه، ولكي ينشأ على ما ينشأ عليه اقرانه فأتم حفظ القران وعمره سبع سنين وعرف الشافعي بشجو صوته في القراءة فقال ابن نصر كنا اذا أردنا ان نبكي قال بعضنا لبعض.

 

قوموا الى هذا الفتى المطلبي يقرأ القران، فاذا أتيناه يصلي في الحرم، استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فاذا راى ذلك امسك من القراءة، ولحق بقبيلة هذيل العربية لتعلم اللغة والفصاحة، وكانت هذيل افصح العرب ولقد كانت لهذه الملازمة اثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقدلفتت هذه البراعة انصار معاصريه من العلماء بعد ان شب وكبر، حتى الاصمعي وهو من ائمة اللغة المعدودين يقول صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس، وبلغ من اجتهاده في طلب العلم ان اجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغير، وكان الإمام الشافعي رجلا طويلا، حسن الخلق، محببا إلى الناس، نظيف الثياب، فصيح اللسان، شديد المهابة، كثير الإحسان إلى الخلق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى