مقال

الدكروري يكتب عن نتائج غزوة العُسرة

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن غزوات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الغزوات هي غزوة العُسرة أو غزوة تبوك، وقد نتج عن غزوة تبوك العديد من النتائج التي شكلت علامة فارقة في تاريخ المسلمين، خصوصا أن الله تعالى أنزل في سورة التوبة آيات تتحدث عن غزوة تبوك ونتائجها التي شكلت أحداثا مفصلية في الإسلام، كما أن غزوة تبوك كشفت الكثير من الحقائق والأشخاص، وأفرزت عددا من الأحداث الهامة، فقد هدم النبي صلى الله عليه وسلم، مسجد الضرار الذي قام المنافقون ببنائه بهدف التآمر على المسلمين، لكن الله تعالى كشف نواياهم وأسباب بنائهم لهذا المسجد، وأنزل فيهم آيات في القرآن الكريم.

 

وقعود ثلاثة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الذهاب للجهاد في غزوة تبوك دون أن يكون لهم عذر في هذا، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، المسلمين بمقاطعتهم، فقاطعوهم خمسين ليلة، حتى أنزل الله تعالى آيات من القرآن الكريم لمسامحتهم والصفح عنهم، وذلك في سورة التوبة، وتم كشف المنافقين المكذبين الذين لم يخرجوا للجهاد مع جيش المسلمين، وتعذروا بأعذار كاذبة لا أساس لها من الصحة، ففضحهم الله تعالى ورسوله وظهرت حقيقتهم، وتم تحقيق العزة للمسلمين، وتخويف اعدائهم وبث الرعب في نفوسهم، وإعلاء راية الإسلام وتثبيته في مناطق بعيدة عن المدينة المنورة مثل منطقة تبوك، بالإضافة إلى إحقاق الجزية على أعداء المسلمين في تلك المنطقة.

 

ولقد كانت الأجواء المحيطة بهذه الغزوة في غاية الصعوبة، وذلك لقوة العدو, فالرومان كانوا أكبر قوة عسكرية على وجه الأرض وقتها، هذا بالإضافة لكونهم موتورين على المسلمين راغبين في الثأر لهزيمتهم المدوية في مؤتة، وكان الوقت في الصيف والحرارة شديدة خاصة في الصحراء والمسافة بعيدة والطريق وعرة صعبة، وكان الناس وقتها في عسرة وجدب من البلاء وقلة من الظهر, هذا بالإضافة أن الوقت كان وقت حصاد الثمار وكان الناس يحبون أن يمكثوا في ثمارهم وظلالهم، وأيضا توارد الأخبار المتلاحقة بأعداد الجيوش الرومية وتحركها صوب المدينة ونزولها بأرض البلقاء, لذلك ولما سبق فقد قرر الرسول صلى الله عليه وسلم، اتخاذ قرار سريع وحاسم.

 

بإعداد العدة لغزو الروم قبل أن يهجموا هم على المسلمين في المدينة فيقع المسلمون بين شقي الرحى الروم من ناحية والمنافقون من ناحية أخرى, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أراد الغزو لم يصرح بجهة الغزو من قبل الخدعة الحربية، أما في هذه المرة ولخطورة الموقف وشدة عسرته صرح الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلن أنه يريد لقاء الرومان في أرضهم ليكون الناس على بينة من أمرهم ويتأهبوا تماما لخصم قوي وعنيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى