مقال

الدكروري يكتب عن نفقات الخلفاء والسلاطين في العصر العباسي

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الخلافة العباسية وهي الخلافة الثانية بعد الخلافة الراشدة والخلافة الأموية، وقيل أن الإنفاق علي السلاطين والخلفاء في الدولة العباسية كان ببزخ شديد، فعلى الرغم من أن الشريعة قد نظمت طرق الجباية، لم تنظم طرق الإنفاق، ما أسهم في ارتباط طرق الإنفاق بشخصية الحاكم وحاشيته إذا كان مصلحا ملتزما أنفق المال في خدمة الدولة وتحسين مرافقها، أو أهمل الأمر كليا أو جزئيا، وقد نقل عن نفقات قصور الخلافة بأنها كانت تشكل ثلث واردات الدولة في بعض العهود، وأن إحدى مصادر الدخل كانت الغزوات فقد اعتاد العباسيون في عهود القوة تسيير غزوة كل صيف نحو التخوم والثقور، ودعيت هذه الغزوات بالصوائف.

 

ولم يكن الهدف منها توسيع رقعة الدولة بقدر ما كان كسب غنائم وكميات نقد جديدة، سواء عن طرق الصلح بفرض الجزية، أم عن طريق الاستيلاء على مقدرات الأماكن المقصودة ونهبها ويمكن ملاحظة ذلك بأن مساحة الدولة لم تتسع حتى في عهود القوة، كما هو الحال في الدولتين الراشدية والأموية من قبلها، والعثمانية من بعدها، وكان المجتمع العباسي مقسما من ناحيتين الأولى هي الناحية الدينية حيث يوجد عامة المسلمين، ومن ثم الموالي وهم العبيد المعتقون المسلمون، ومن ثم أهل الكتاب، وهم عموم رعايا الأديان التي اعترفت بها الشريعة الإسلامية، وأخيرا الرقيق، وهم العبيد والجواري الذين كانوا يباعون ويشترون أو يأسرون في عهد الدولة العباسية، أما الناحية الثانية، التي تم تصنيف المجتمع على أساسها.

 

فهي الطبقة الاجتماعية على رأسها طبقة الحكام، والتي تشمل الخلفاء والأمراء والسلاطين والولاة والوزراء وقادة الجيش وقد تميزت هذه الطبقة بالثراء والبذخ وتذوق الفنون وأما الطبقة الثانية فهي طبقة علماء الدين والفقهاء، الذين كانوا يشكلون أساس النظام القضائي والفقهي والتعليمي بشكل كبير، خلال عهود ضعف الدولة، وأما الطبقة الثالثة فهي طبقة التجار، وهم بدورهم ينقسمون إلى تجار كبار وآخرين صغار، أما التجار الكبار فغالبا ما كانت تجارتهم تقوم على الرقيق أو المجوهرات وغيرهما، ولهؤلاء علاقة وثيقة مع طبقة الحكام، وأما التجار الصغار فيندرج في إطارهم الحرفيون والصناع وأرباب المهن، وقد كانوا يشكلون العصب الرئيس لحياة المدن إلى جانب الطبقة الرابعة التي تشمل الفلاحين الأقنان والعبيد.

 

ويضيف بعض الباحثين طبقة أخرى ممثلة بجند الجيش إذ كانت مهمة الجندية أشبه بمهمة دائمة آنذاك، وكأي مجتمع أهلي كانت العائلة تعتبر الركيزة الأساس للمجتمع العباسي حيث يرأس الأسرة كبيرها، ومن حوله زوجاته وأولاده، وفي بعض الأحيان أحفاده إذ إن الأولاد غالبا ما يتزوجون في منازل آبائهم، ويعملون في مهن آبائهم، ما أدى إلى تخصص العائلات بمهن معينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى