القصة والأدب

الدكروري يكتب عن الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء

الدكروري يكتب عن الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء

الدكروري يكتب عن الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

من أعظم العلوم وتاجها وإكليلها علم القرآن الكريم، ويأتي من بعده علم الحديث النبوي الشريف، فلا يعلو علم كلام الله تعالي الذي بسط الأرض ورفع السماء علم على الإطلاق، فمن العلماء من غاص في تجويده وعلم القراءات التي تدور حوله، ومنهم من غاص في إعرابه وبيانه، ومنهم من غاص في تفسيره أمثال الإمام الحافظ ابن كثير، وله كتاب تفسير القران الذي يعد أفضل كتاب لابن كثير، ومنهم من غاص في ناسخه ومنسوخه ومدنيه ومكيه، فرحمة الله عليهم أجمعين لما قدّموه للأمة من نور وتبصرة، والإمام إبن كثير هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن درع القرشي الحصلي، البصروي، الشافعي، ثم الدمشقي، وهو مُحدّث ومفسر وفقيه.

 

وولد الإمام ابن كثير بمجدل من أعمال دمشق في سوريا سنة سبعمائة وواحد من الهجرة، وكان مولده بقرية مجدل من أعمال بصرى من منطقة سهل حوران درعا حاليا في جنوب دمشق، وكانت أمه من نفس هذه القرية، وقد مات أبوه بعد ولادته بعامين سنة سبعمائة وثلاثة من الهجرة، ثم انتقل إلى دمشق مع أخيه كمال الدين وكان ذلك عام سبعمائة وسبعة من الهجرة، وكان ذلك بعد موت أبيه، وقد حفظ القرآن الكريم، وختم حفظه في سنة سبعمائة وإحدي عشر للهجرة، وقرأ القراءات وجمع التفسير، وحفظ متن التنبيه في فقه الشافعي وكان ذلك عام سبعمائة وثماني عشر للهجرة، وحفظ مختصر ابن الحاجب، وتفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري، وكمال الدين ابن قاضي شهبة.

 

وكان للبيئة المحيطة بابن كثير أثر كبير في نشأته فقد كان أبوه خطيبا ببلدة مجيدل القرية إلى أن توفي بعدة ولادته بعامين وبقي ابن كثير تحت رعاية أخيه كمال الدين عبد الوهاب، الشقيق والشفيق، وترعرع في طفولته في هذه القرية مدة أربع سنوات، وهي سن الطفولة يتيما بعد فَقْد الوالد ولكنه امتلأ قلبه من ذكريات الطفولة، وتنعم بآثار والده المعنوية، وحفظ أحاديث الناس عن خطب والده، وأقواله المأثورة، وأشعاره المحفوظة، وأدرك بحسه منزلة العالم المخلص، وأثره في الحياة والمجتمع، ومكانته في القلوب والنفوس، وسمع من إخوته وأخواته سبب تسميته بإسماعيل، تيمنا بأخيه الأكبر من أبيه الذي سلك طريق العلم، فأخذه عن والده، ثم ارتحل ابن كثير إلى دمشق لاستكمال التكوين العلمي، فاختطفته يد المنون في شبابه.

 

فوُلد للوالد هذا الابن الأخير فسماه إسماعيل ليكون كأخيه في طلب العلم، فاتجه ابن كثير رحمه الله تعالى إلى تحصيل العلم منذ السن المبكر ليقر عين والده في قبره، وليصبح كأبيه في قلوب الناس، ولما بلغ ابن كثير السابعة من عمره، ارتحل بصحبة أخيه الشقيق عبد الوهاب إلى مدينة دمشق التي كانت موئل العلماء، وحاضرة العلم، ومركز الحضارة، وينبوع العطاء، ومحط الأنظار، ومرابع المعرفة التي يفد إليها العلماء والطلاب من كل حدب وصوب، وكان أخوه عبد الوهاب بمنزلة الأب والأستاذ الأول لابن كثير، الذي أخذ منه الشيء الكثير، واستمر في ملازمته والاستفادة من علمه طوال حياته التي امتدت إلى سنة سبعمائة وخمسون من الهجرة.

 

وقد توفي في شهر شعبان سنة سبعمائة وأربعة وسبعون من الهجرة، وكان قد أضرّ في أواخر عمره، ودفن بجوار ابن تيمية في مقبرة الصوفية خارج باب النصر من دمشق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى