مقال

رسول الله وعمه أبي طالب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رسول الله وعمه أبي طالب
بقلم / محمـــد الدكـــروري

قيل أن سادة قريش حين قالوا لأبي طالب بن عبد المطلب عم النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم إعطنا محمد نقتله ونعطيك شابا قويا مكانه يقوم علي خدمتك ويرافقك أينما تكون، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي، إن قومك قد جاءوني، فقالوا لي كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه أنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ” قال ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام.

فلما ولى ناداه أبو طالب فقال أقبل يا ابن أخي، قال فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اذهب يا ابن أخي، فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا، وهكذا فعندما تكون انت صاحب الحق وتعمل على بصيرة ثق في نفسك واعلم ان الثقة في النفسك لن تأتى الا بالثقة في الله سبحانه وتعالى وهذه هي القاعدة الأساسية في الثقة بالنفس لا تأتي إلا إذا كنت على طاعة وتنصر الله، فيؤيدك بنصره وحتى بجنود غير مسلمين ونجد ذلك في موقف النبي صلي الله عليه وسلم من دعوة إمام عمه أبو طالب بن عبد المطلب، ولقد اختلف العلماء والمؤرخون في تحديد اليوم الذي ولد فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فبعضهم يقول إنه في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول، وبعضهم يقول إنه في اليوم الثامن.

وبعضهم يقول إنه في اليوم التاسع، وبعضهم يقول إنه في اليوم العاشر، وبعضهم يقول إنه في الثاني عشر، وبعضهم يقول إنه في السابع عشر، وبعضهم يقول إنه في الثاني والعشرين، ورجّح أكثر المحققين والفلكيين أنه صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين الثامن من شهر ربيع الأول لأنهم وجدوا أن تاريخ الثاني عشر لا يصادف يوم الاثنين، ولكنهم اتفقوا على أن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، فأيهما أولى أن نحزن أو نحتفل؟ وأيهما أولى أن نتمسك بالمختلف فيه أم بالمتفق عليه؟ فإن إقامة الموالد والاحتفال بها لا تزيد النبي صلى الله عليه وسلم شرفا ولا رفعة لأن شرفه وفضله صلى الله عليه وسلم فوق القمة، فهو سيد الأولين، وأكرم الخلق عند رب العالمين.

ولقد طابت سريرته، وحمدت سيرته بين قومه قبل بعثته وبعدها، فكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم سلوكا، وألطفهم معاشرة، وألينهم قلبا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وآمنهم أمانة، وأعزهم جوارا، وأكرمهم خيرا، وأعفهم نفسا، وأبرهم عملا، وأوفاهم عهدا، وأوسعهم كرما ورفدا، يحمل الكل ويُكسب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق، خالط قومه في الخير والجد، وفارقهم في الهزل والباطل، وكان قد حُبب إليه البعد عن بيئة الجاهلية المظلمة، فاتخذ غار حراء ملاذا للقلب والروح والفكر، يتأمل في هذا الوجود الفسيح وتخبطه في دياجير الظلمات، فيجد في هذه البقعة النائية سعادة واطمئنانا لا يجده في غيرها، حتى بلغ سن الأربعين فجاءه الحق بالنبوة في ليلة من ليالي غار حراء الغراء.

فقال له “اقرأ، قال ما أنا بقارئ،أي لا أستطيع القراءة، فردد جبريل عليه السلام ذلك ثلاثا، ورسول الله يقول ما أنا بقارئ، فقال جبريل عليه السلام في الرابعة قارعا سمعه ببواكير وحي السماء من عند الله تعالى ” اقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذى علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم” وإن ذلك المجيئ المفاجئ والطارق الجديد المشرق في تلك الساعة الصامتة قد أفزع قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى زوجته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها راجف الفؤاد، مرتعد البدن يطلب منها التدثير والتزميل، وأخبرها بما حدث، فطمأنته وسكنت من روعه، وحلفت له أن الله لن يخزيه، ولن يخيب سعيه، فبُر قسمها، حين رفع الله له ذكره، وأعلى شأنه.

وجعل دينه الطريق الوحيد إلى النجاة من خزي الدنيا والآخرة، ثم توالى الوحي بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسله الله رحمة للعالمين، فقال تعالى فى سورة الأنبياء ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى