مقال

إياكم والإبتعاد عن الإيمان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إياكم والإبتعاد عن الإيمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، لقد كان رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم شجاعا كأتمّ ما تكون الشجاعة، ولم يكن شجاعا بالقول فقط، وإنما كان شجاعا بالفعل، وفي ذلك يقول الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه ” لقد كنا إذا حمى البأس، واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا، وكان الشجاع هو الذي يقرب منه صلى الله عليه وسلم إذا دنا العدو لقربه منه، ولم يعرف التاريخ قائدا بطلا كرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد فرّ أصحابه صلى الله عليه وسلم من موقفهم يوم أحد متلهين بالغنائم.

مخالفين عن أمره صلى الله عليه وسلم ألا يبرحوا الشعب ولو رأوه وأصحابه يُقتلون، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي بنفسه عن قوسه حتى اندقت سيتها، وأحاط به نفر من المسلمين يدفعون عنه ويحمونه، وترّس أبو دجانة بنفسه دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحى ظهره والنبل يقع فيه حتي أصبح يقال له الرجل القنفد، ووقف الصحابي الجليل سعد بن وقاص إلى جانبه يرمي بالنيل دونه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناوله النيل ويقول له ” ارم فداك أبي وأمي ” وأصيب النبي صلى الله عليه وسلم فوقع لشقه، وكسرت رباعيته، وشج وجهه، وكُلمت شفته، ودخلت حلقتان من المغفر وهو الذي يستر به وجهه، وفي وجنتيه، ولكنه مع هذا تمالك نفسه صلى الله عليه وسلم وأخذ ينادي المسلمين.

” إلي عباد الله، إلي عباد الله” فإذا به يقع في حفرة حفرها المشركون ليقع فيها المسلمون، فيأخذ علي بيده، ويرفعه طلحة بن عبيد الله حتى يستوي، أما بعد ولنعلم جميعا أننا إذا إلتفتنا يمينا وشمالا فترى العيادات النفسية تمتلىء بالمرضى، وتستمع للشكاوى والهموم والغموم والأرق وقلة النوم والهواجس والكوابيس، فتعلم علم اليقين أن هذا كله بسبب الابتعاد عن الإيمان الحق بالله جل وعز، وبسبب الركون للدنيا والتعلق بها، فالماديات قد طغت على الجوانب الروحية، والإنسان بحاجة ماسة لإشباع الجانب الروحي، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان الحق بالله جل وعز والتعلق به ومداومة ذكره، والإيمان بالملائكة وبالكتب وبالرسل وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، حلوه ومره من الله جل وعز.

فالمهم أن كثيرا من الخلق قد غفل عن دواء القلب، وعن راحة الصدر، وعن جنة الدنيا لهثا وراء حطام الدنيا الفانية، فلا هو حقق ما يريد، ولا هو استراح من أول الطريق ، وإشباع الجانب الروحي لن يحصل إلا بالإيمان، لأن الروح من عند الله، والجسد خلقه الله من تراب، فكلما أشبعت الجانب الروحي سمت نفسك وارتقت واطمأنت وارتفعت عن سفاسف الأمور، وكلما أهملت هذا الجانب انحدرت نفسك إلى الطبيعة الحيوانية الشهوانية، وزاد ضيقها وضنكها، وأظلمت الدنيا في عينيها، ولقد خلق الله عز وجل المؤمن ليكون في المرتبة الأعلى، وفي المكانة الأعلى، ولا يكون في المرتبة التالية، أو المكانة الدونية، لا يكون تابعا وإنما يكون متبوعا، يكون قائدا ولا يكون مقودا، لماذا؟

لإنه ينتمي إلى أمة عريضة، أمة الأفضلية، فيقول تعالى ” وفضلناكم على كثير ممن خلقنا تفضيلا” وكذلك قهي أمة الخيرية، فيقول تعالى ” كنتم خير أمة أخرجت للناس” وكذلك فهي أمة الفوقية، حيث قال تعالي ” ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا” فحقا لن يجعل الله الغلبة والقهر للكافرين على المؤمنين، فإنه وعد من الله قاطع، وحكم من الله جامع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى