مقال

كسر النفوس المصابة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كسر النفوس المصابة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة في الدارين وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله الله للعالمين رحمة وأنزل عليه الكتاب والحكمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، فإن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شريعة يثاب فاعلها ويعاقب تاركها، فالأدب مع شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم بإجلاله وإعزازه وتوقيره وتقديره واحترامه وانزاله المنزلة التي أنزله الله إياها لا غلوّ ولا جفاء، وعدم الاعتراض عليه صلى الله عليه وسلم أو مناقضة أقواله بأقوال غيره من الناس، أو تقديم قول كائن من البشر مهما كان على قوله صلى الله عليه وسلم.

أو أخذ حديثه على أنه كلام يصيب ويخطئ، بل هو كلام نبيّ معصوم، أو التعرّض لصفة من صفاته صلى الله عليه وسلم بجفاء، أو رد قوله بعد التأكد من صحة نسبته اليه، أو الشك في بعض قضاياه وأحكامه صلى الله عليه وسلم، أو مقارنته بالقادة والزعماء والملوك، فقد رفع الله قدره صلى الله عليه وسلم على الجميع وأعلى منزلته على الكل، بل إنه يحرم كل ما فهم منه الجفاء والتنقص والاعتراض عليه صلى الله عليه وسلم، والواجب على كل من رضي به رسولا واتبعه وآمن به حبه حبا صادقا أعظم من حب النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وتصديق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، وامتثال ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه صلى الله عليه وسلم، والاهتداء بهداه والاقتداء بسنته والرضى بحكمه والحرص على متابعته.

وتوقير حديثه والصلاة والسلام عليه إذا ذكر صلى الله عليه وسلم، وعدم رفع الصوت عند ذكره وذكر حديثه صلى الله عليه وسلم وعدم الضحك وقت تلاوة أخباره وكلامه وآثاره صلى الله عليه وسلم، والخشوع عند ذكر شيء من سنته صلى الله عليه وسلم، والتأدب عند الاستشهاد بقوله، والتسليم عند أمره ونهيه، والإيمان بمعجزاته والذب عن جنابه الشريف صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأصحابه، فيقول تعالي ” فالذين ءامنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون” وإن مما يجبر كسر النفوس المصابة عند فقد الأحبة هو لطيف التعزية، فإن الكلمة الطيبة للمصاب يثبت بها بإذن الله تعالي، ويغدو صبره عليها سهلًا يسيرا، فإن العبد ضعيف بنفسه، فإذا وجد هذا يعزيه، وهذا يسليه، سهلت عليه الأمور العظام.

وعندما توفيت ابنة المهدي جزع عليها جزعا لم يُسمع بمثله، فجلس الناس يعزونه فجاءه ابن شيبة يوما فقال له أعطاك الله يا أمير المؤمنين على ما رزئت أجرا، وأعقبك صبرا، ولا أجهد الله بلاءك بنقمة، ولا نزع منك نعمة، ثواب الله خير لك منها، ورحمة الله خير لها منك، وأحق ما صبر عليه ما لا سبيل إلى رده، فلم يروا تعزية أبلغ ولا أوجز من هذه التعزية، وكان مما سرى على المهدي بها، ومن لطيف التعزية ما قيل من بعض الأعراب عندما دخل على بعض ملوك بني العباس، وقد توفي له ولد اسمه العباس، فعزاه ثم قال خير من العباس أجرك بعده والله خير منك للعباس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى