مقال

أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 5”

أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع أبو البشر آدم عليه السلام، ولم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة، وكان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة، ويهبطان إلى الأرض، أما تجربة السكن في الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض، وليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة الله وعداء الشيطان، وقد أقام آدم وزوجته حواء عليهم السلام في الجنة مدة طويلة يأكلان منها رغدا حيث شاءا، فلما أكلا من الشجرة التي نهيا عنها، سلبا ما كانا عليه من اللباس وهبطا إلى الأرض فبدت لهم سوأتهم، فلقيته شجرة أخذت بناصيته، فناداه ربه أتهرب مني يا آدم فقال بل حياء منك يارب مما فعلت، ويقول تعالي.

 

“وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلك الشجرة وأقل لكم إن الشيطان لكم عدو مبين، قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين” وثبت في القرآن الكريم أن آدم وزوجته عليهما السلام، هبطا إلى الأرض من الجنة بعد أن عصيا الله بالأكل من الشجرة، أما بالنسبة لمكان هبوطهما فلم يرد النص على ذلك في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الشريفة من الأحاديث الصحيحة وبعض ما رُوي في هذا الأمر من الأحاديث الضعيفة، ووردت بعض الأقوال عن السلف الأغلب أنهم أخذوها من أهل الكتاب، وهذه الأخبار لا يمكن الاعتماد عليها، ولا يجوز التصديق والإيمان بما جاء فيها دون وروده في شريعة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون رواية هذه الأخبار من باب الاستئناس فقط، ومن هذه الأقوال هو إن آدم عليه السلام.

 

هبط إلى الهند وزوجته إلى جدة، والبعض قال إن آدم هبط بالصفا وحواء بالمروة، وآخرين قالوا بأنه نزل بأرض بين الطائف ومكة، وذكر السدي في تفسيره أن آدم عليه السلام، نزل بالهند وكان معه الحجر الأسود وقبضة من ورق الجنة فوضعها بالهند ونبتت شجرة الطيب، وجميع تلك الأقوال لا دليل له، وكما أيضا لم يرد في كلام الله سبحانه وتعالى، ولا في سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، تعيين الشجرة التي أكل منها آدم عليه السلام، إذ لا حاجة لمعرفة ذلك، فليس المقصود معرفة نوع الشجرة، والأمر غير المقصود لا يحتاج إلى بيان، ووردت بعض الأقوال عن التابعين في تعيين الشجرة، وأغلب الأقوال الواردة في ذلك نقلت عن أهل الكتاب، فالبعض قال إنها شجرة التين، والبعض قال بأنها شجرة العنب أو شجرة الحنطة.

 

وقد تكون شجرة واحدة من كل الأنواع، لكن الجهل بنوعها لا يضر، والعلم باسم الشجرة لا ينفع بشيء، وقيل إن الله سبحانه وتعالى أهبط آدم قبل غروب الشمس من اليوم الذى خلقه فيه وهو يوم الجمعة مع زوجته حواء من السماء فقال الإمام على وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين وقتادة وأبو العالية إنه أهبط بالهند على جبل يقال له نود من أرض سرنديب وحواء بجدة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما فجاء فى طلبها، فكان كلما وضع قدمه بموضع صار قرية وما بين خطوتيه مفاوز، فسار حتى أتى جمعا فازدلفت إليه حواء فلذلك سميت المزدلفة، وتعارفا بعرفات فلذلك سميت عرفات، وعن مجاهد قال حدثنى ابن عباس “أن آدم عليه السلام حين نزل الهند، ولقد حج منها أربعين حجة على رجليه، فقلت له يا أبا الحجاج ألا كان يركب؟ قال فأى شيء كان يحمله؟

 

فوالله إن خطوه مسيرة ثلاثة أيام وإن رأسه ليبلغ السماء، فاشتكت الملائكة نفسه، فهمزه الرحمن همزة فتطأطأ مقدار أربعون سنة” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن” وبعد أن وسوس الشيطان لآدم أن يأكل من الشجرة التي نهاه عنها الرحمن وبعد أن أكل منها وهبط إلى الأرض، وكان أول طعام أكله آدم في الأرض، هو الخبز فقد جاءه جبريل بسبع حبات من حنطة، فقال ماهذا ؟ فرد عليه جبريل هذا من الشجرة التي نهيت عنها، فأكلت منها، فقال آدم وما أصنع بها فقال أبذره في الأرض، فبذره وكانت كل حبه منها تزن أزيد من مئة ألف حبة فنبتت فحصده ثم درسه ثم ذراه، ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه فأكل بعد جهد عظيم وتعب وكد، وذلك قوله تعالى “فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى