مقال

ان كان صادقا لله فلا يخاف لقائه

جريدة الاضواء

ان كان صادقا لله فلا يخاف لقائه   

محمود سعيد برغش 

لمن وثق بعمله شوقا الى لقاء الله عز وجل فهذا يجوز ايضا الا يخشى الموت وقد فعله كثيرا من السلف فقد قال ابو الدرداء رضي الله عنه احب الموت اشتياقا الى ربي وقال  

عنبسه الخولاني كان من قبلكم لقاء الله احب اليه من الشهد وقال بعضهم طال شوقي اليك فعجل قدومي عليك وقال بعضهم لا تطيب نفسي بالموت الا اذا ذكرت لقاء الله عز وجل فانني حينئذ اشتاق الى الموت كشوق الظمان الشديد زبائه في اليوم الحار الشديد حره الى الماء البارد الشديد برده وقال بعضهم اشتاق اليك يا قريبا نائي شوق ظما الى زلال الماء وقد دل على جواز ذلك قوله تعالى قل ان كنتم لكم الدار الاخره عند الله خالصه من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صدقين وقال تعالى قل يا ايها الذين هادوا ان زعمتم انكم اولياء الله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صدقين 

فدل ذلك على ان اولياء الله لا يكرهون الموت بل يتمنوه ثم اخبر انهم ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم فدل على انه انما يكره الموت من له ذنوب يخاف القدوم عليه بها كما قال بعض السلف ما يكره الموت الا مريب وفي حديث عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم اسالك لذه النظر الى وجهك والشوق الى لقائك في غير ضراء مضره ولا فتنه مضله فالشوق الى الله تعالى انما يكون بمحبه الموت وقال ابو بكر الصديق لعمر رضي الله عنهما في وصيته له عند الموت ان حفظت وصيتي لم يكن غائب احب من الموت ولابد منه وان ضيعتها لم يكن غائب اكره اليك من الموت ولن تعجزه 

سئل ابو حازم كيف القدوم على الله قال اما المطيع فقدوهم الغائب على اهله المشتاق اليه واما العاصيه فقدوهم العبد الابق الهارب على سيده الغضبان 

رؤى احد الصالحين في النوم فقيل له ما فعل الله به قال خيرا لم يرى مثل الكريم اذا حل به مطيع الدنيا كلها شهر الصيام للمتقين واعيدوا فطرهم يوم لقاء ربهم وصدق من قال وقد صمت عن لذات دهري كلها ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي وقاء الحافظ ابن حجر لا يتمنين انه اذا حل به اي الموت لا يمنع من تمنيه رضا بقاء الله ولا من طلبه من الله لذلك وهو كذلك ولها هذه النقكته عقب عقب البخاري حديث ابي هريره بحديث السيده عائشه رضي الله عنها اللهم اغفر لي وارحمني والحقني بالرفيق الاعلى واشار الى ان النهي مختص بالحاله التي قبل نزول الموت وعن سيدنا علي بن ابي طالب قال في يوم الجمل ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنه 

وتمني عطاء السلامي الموت وقال انما يريد الحياه من يزداد خيرا فاما من يزداد شرا فما يصنعه بالحياه وعن ابي هريره رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لا تذهبوا الدنيا حتى يمر الرجل وعلى القبر فيتبرع عليه ويقول يا ليتني كنت ما كان صاحب هذا القبر وليس به دين الا البلاء 

الموت مصيبه والغفله عنه من اعظم المصائب فلنوت هائل وخطره عظيم والناس في غفله عنه لقله فكرهم فيه وذكرهم له ومن يذكره ليس يذكره بقلب فارغ بل بقلب مشغول بشغوت الدنيا فلا ينجح الذكر الموت في قلبه فالطريق فيه ان يفرغ العبد قلبه عن كل شيء الا عن ذكر الموت الذي هو بين يديه كالذي يريد ان يسافر الى ما فازه المخطره او يركب البحر فانه لا يتفكر الا فيه فاذا باشر ذكر الموت قلبه فيوشك ان يؤثر فيه وعند ذلك يقل فرحه وسروره بالدنيا وينكسر قلبه انجح طريق فيه ان يذكر اقرانه الذين مضوا قبله فيتذكر موتهم ومصارعهم تحت التراب ويتذكر صورهم في مناصبهم واحوالهم ويتامل كيف محى تراب الان حسن صورهم وكيف تبددت اجزائهم في قبورهم وكيف ارملوا نسائهم وايتموا اولادهم وضيعوا اموالهم وخلت منهم مساجدهم ومجالسهم وانقطعت اثارهم  

نظره ابن مطيع ذات يوم الى داره فاعجبه حسنها ثم بكى فقال والله لولا الموت لكنت بك مسرورا ولولا ما نصير اليه من ضيق القبور لقد قرب بالدنيا اعيننا ثم بكى بكاء شديدا حتى ارتفع صوته وقال قرطبي قال العلماء الموت ليس بعدم محض ولا فناء صرفا وانما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته وحيلوله بينهما وتبد الحال وانتقال من دار الى دار وهو من اعظم المصائب وقد سماه الله تعالى مصيبه في قوله تعالى فاصابكم مصيبه الموت فالموت والمصيبه العظمى والرزيه الكبرى قال علماؤنا واعظم منه الغفله عنه والاعراض عن ذكره وقله التفكير فيه وترك العمل له وان فيه وحده لعبره لمن اعتبر وفكره لمن تفكر وفيه خبر يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم لو ان البهائم تعلم من الموت ما تعلمون ما اكلتم منها سمينه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى