مقال

المسلم والتهيؤ الجسدي والروحي للعبادة

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن المسلم والتهيؤ الجسدي والروحي للعبادة

بقلم / محمــــد الدكروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد ربه حتى أتاه اليقين من ربه، صلى عليه وعلى آله وسلم تسليما، ولد الهدى فالكائنات ضياء، وفم الزمان تبسم وسناء، الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء.

والعرش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العصماء، بك بشر الله السماء فزينت وتوضأت مسكا بك الغبراء، يوم يتيه على الزمان صباحه ومساؤه بمحمد وضاء، إذاعفوت فقادرا ومقدرا، لا يستهين بعفوك الجهلاء، وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء، وإذا أخذت العهد أو أعطيته فجميع عهدك ذمة ووفاء، يامن له عز الشفاعة وحده، وهو المنزه ماله شفعاء، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله، أما بعد، فإن التهيؤ للعبادة والاستعداد لها مثل التبكير إلى المساجد لأداء الصلاة، فإن هذا يكون التهيؤ المادي الجسدي ويصاحبه أيضا تهيؤ نفسي وروحي وقلبي، وإن في حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبكير إلى المساجد خير دليل على ذلك. 

والأحاديث كثيرة مشهورة، ومن هنا نفهم كثرة ما ورد عن السلف الصالح في هذا الشأن، فهذا إبراهيم بن يزيد الفقيه عابد الكوفة يقول “إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه” والتهيؤ يكون بحسب كل عبادة وما شرع فيها، والحج كذلك له تهيؤ فرد الأمانات والمظالم، والتخلص من الحقوق قبل الشروع في السفر كلها صور للاستعداد لهذه العبادة العظيمة، وكذلك تهيئة الزاد والراحلة والرفقة الصالحة، والمتأمل في ذلك يجد الفرق شاسعا بين من يؤدي العبادة دون استعداد بدني يصحبه تهيؤ قلبي، ومن يأتي الصلاة مسرعا حتى يدرك الركعة فيدخل في الصلاة ولم يسكن جسده من ذلك السعي، ولعل في نهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن السعي بعد الإقامة إشارة إلى ذلك. 

وإلى أن يتفاعل الإنسان روحيّا ونفسيا مع هذه العبادة تكون الصلاة أوشكت على النهاية، وكذلك الابتعاد عما يشوش القلب أثناء العبادة، ففي الصلاة مثلا نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المصلي أن يصلي إلى مايشغله أثناء الصلاة” فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلى، ولهذا جاء النهي عن أن يصلي الإنسان في حضرة طعام أو وهو يدافع الأخبثين، كل هذا من أجل أن ينخلع القلب من علائق الدنيا وينجذب إلى حقيقة العبادة ويجتمع في قلب العبد وفكره ووجدانه الاتجاه إلى الله سبحانه وتعالى، ومثل هذه الأمور يمكن فعلها في عبادات أخرى، ليكون أدعى لانشغاله وتفرغه للعبادة، مما يؤدى لتفرغ قلب الإنسان للتوجه وللعبودية لله عز وجل أثناء الصوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى