مقال

الدكروري يكتب عن عبد الله بن كعب الأنصاري “جزء 4”

الدكروري يكتب عن عبد الله بن كعب الأنصاري “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع عبد الله بن كعب الأنصاري، قال فقلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر قال وقلت يا رسول الله إن الله إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت قال فوالله ما علمت أن أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي قال فأنزل الله عز وجل “لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم” حتى بلغ قوله تعالي ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين”

 

فقال كعب والله، ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد وقال الله تعالى “سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس، ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين” وقال كعب كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرنا حتى قضى فيه فبذلك قال الله عز وجل، وعلى الثلاثة الذين خلفوا وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو.

 

وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه، وعن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه عبيد الله بن كعب وكان قائد كعب حين أصيب بصره وكان أعلم قومه وأوعاهم لأحاديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت أبي كعب بن مالك وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، ويحدث أنه لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط غير غزوتين، وساق الحديث، وهذه قصة كعب بن مالك الأنصاري وصاحبيه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع في تخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، في سنة تسع من الهجرة أعلن للناس غزوه للروم وأنه سوف يتوجه إلى الروم، وكان ذلك في حر شديد في القيظ، يعني حين طابت الثمار وطاب الظلال،

 

فأعلن للناس أمرهم وجلى للناس أمرهم فتجهز للغزو معه جم غفير يبلغون ثلاثين ألفا أو أكثر يريدون غزو الروم في الشام، وكان كعب بن مالك وصاحباه قد تخلفوا عن الغزو بدون عذر شرعي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، أعلن الغزو على الجميع النفير العام، فلم يزل التمادي بكعب وصاحبيه حتى تخلفوا عن الغزو بدون عذر شرعي، واستقر في تبوك حتى أمره الله، وأذن الله له بالرجوع لأسباب اقتضت ذلك فرجع ولم يباشر العدو ولم يباشر الروم، وكان كعب وصاحباه قد تخلفوا من دون عذر شرعي، فلما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم، سوف يقدم أصابه من الشدة والحرج الشيء الكبير بماذا يعتذر ماذا يقول هو وصاحباه ثم وفقهم الله تعالى للصدق، أما الأعراب الذين تخلفوا وهم جماعة من الأعراب تخلفوا وتعذروا بالكذب

 

فعذرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، على ظاهرهم وأنزل الله فيهم ما سمعتم من الوعيد الشديد، والمقصود أن هؤلاء الثلاثة صدقوا، وأنهم تخلفوا بغير عذر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بهجرهم فهجروا، هجرهم الصحابة، لأنهم تخلفوا عن الغزو بغير عذر شرعي، وهجروا خمسين ليلة وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، واشتد عليهم الأمر لا يكلمهم أحد لا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا غيره، ثم إن الله عز وجل، علم صدق توبتهم وندمهم فأنزل الله تعالى توبتهم من فوق سبع سماوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى