مقال

إصلاح الباطن مع النفس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إصلاح الباطن مع النفس
بقلم / محمــد الدكــروري

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، الذي شارك في غزوة تبوك وهي الغزوة التي وقعت في السنة التاسعة للهجرة من شهر رجب بسبب رغبة الروم بالقضاء على الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وخرج المسلمون إلى القتال وأقاموا في منطقة تبوك ما يقارب عشرين ليلة، ورجعوا دون قتال، أما بعد فأخلصوا الأعمال لله تعالى في كل ما تأتون وما تذرون، وأنيبوا إلى ربكم، واطمعوا في رحمته لعلكم ترحمون، فالعمل اليسير مع الإخلاص خير من الكثير مع الرياء، والثمرات الطيبة إنما تحصل لمن حقق النية واتقى.

فمن أصلح باطنه، أصلح الله تعالى له الأحوال، وسدده في الأقوال وإن الميزان عند الله عز وجل حين اطلاعه على قلوب العباد هو صلاحها أو فسادها، وهذا هو الضمير ولكن أين نجد الضمير اليوم وأين ذهب الضمير، فلقد ماتت الضمائر الا ما رحم الله عز وجل ولم تتقدم وترتقى الامم الا بالضمائر الحيه فلنعود الى الوراء الى زمن الصحابة الكرام الذين تربوا فى مدرسه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ولننظر الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما كان يتفقد عمر رضي الله عنه رعيته فيجلس عند جدار بيت، فيسمع المرأة وهي تكلم ابنتها وتقول ضعي الماء على اللبن ليزداد فنبيعه، فتقول الفتاة يا أماه، هذا أمر لا يرضاه أمير المؤمنين عمر، فتقول الأم وما يدري أمير المؤمنين بما نصنع.

فتقول الفتاة إن كان أمير المؤمنين لا يعلم، فرب أمير المؤمنين يعلم، وعمر الفاروق رضي الله عنه يسمع ذلك الحوار، فيصبح الصباح ويرسل إلى أهل هذا البيت، ليخطب تلك الفتاة صاحبة الضمير الحي إلى ولده عاصم، فيرزقهم الله ذرية مباركة، يخرج منها الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، وإن من الآداب التي حث عليها الإسلام هو اتقان العمل فعلي المسلم أن يتقن في عمله، وتلك صفة عظيمة في حياة المؤمن، لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإتقان في الأعمال، فقد قال “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” وكما أن يكون العامل قويا وأمينا، وكما أن من آداب العمل في الإسلام أن يكون العامل قويا أمينا، والقوة تتحقق بأن يكون عالما بالعمل الذي يسند إليه، وقادرا على القيام به.

وأن يكون أمينا على ما تحت يده، فقال الله تعالى ” إن خير من استأجرت القوي الأمين” وكما أن من الآداب في الإسلام هو الرحمة والتراحم فيما بيننا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخلنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم على ولده إبراهيم وهو يحتضر فجعلت عينا رسول الله تبكيان، فقال عبدالرحمن بن عوف وأنت رسول الله؟ فقال “يا ابن عوف إنها رحمة” ثم قال “إن العين لتدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون” بل كان صلى الله عليه وسلم يُقعد أسامة بن زيد على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمهما ويقول “اللهم ارحمهما فإني ارحمهما” بل تعدى الأمر من الرحمة بالبشر الى الرحمة بالبهائم.

فقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت فقال “من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله فقال “أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه” رواه أبو داود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى