مقال

الإسلام يضع قواعد البيت

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإسلام يضع قواعد البيت
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام، فهو صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله وأعذبهم كلاما وأسرعهم أداء وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح ويشهد له بذلك أعداؤه، وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا تكلم، تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد ليس بمسرع لا يحفظ ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام بل هديه فيه أكمل الهدي حيث قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه، وهو صلى الله عليه وسلم كان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه.

ويتكلم بجوامع الكلام فصل لا فضول ولا تقصير وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه وإذا كره الشيء عرف في وجهه ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا، وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان جل ضحكه التبسم بل كله التبسم فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وفي الحديث الشريف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تبسما، وكنت إذا نظرت إليه قلت أكحل العينين وليس بأكحل ” رواه الترمذي، وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان أحسن الناس معاملة وكان إذا استسلف سلفا قضى خيرا منه، وذكر الإمام البزار أنه صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل أربعين صاعا فاحتاج الأنصاري فأتاه فقال صلى الله عليه وسلم ما جاءنا من شيء بعد فقال الرجل وأراد أن يتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

“لا تقل إلا خيرا فأنا خير من تسلف فأعطاه أربعين فضلا وأربعين سلفة فأعطاه ثمانين، وقيل أنه باعه يهودي بيعا إلى أجل فجاءه قبل الأجل يتقاضاه ثمنه فقال صلي الله عليه وسلم لم يحل الأجل فقال اليهودي إنكم لمطل يا بني عبد المطلب فهم به أصحابه فنهاهم فلم يزده ذلك إلا حلما فقال اليهودي كل شيء منه قد عرفته من علامات النبوة وبقيت واحدة وهي أنه لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما فأردت أن أعرفها فأسلم اليهودي، ولنعلم جميعا أن الإسلام قد وضع قواعد البيت فأحكم وضعها، فأرشد الزوجين إلى حسن الاختيار، وبيّن أفضل الطرائق للارتباط، وحدد الحقوق والواجبات على كل من الطرفين، وما يتميّز به كل واحد منهما، والإسلام يعتبر نظام الأسرة هو النظام الطبيعي الفطري المنبثق من أصل التكوين الإنساني.

بل من أصل الأشياء كلها في الكون الذي يقوم على قاعدة الزوجية، والأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها، وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكامل، وتتطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة، وعلى هديه ونوره تتفتح للحياة وتتعامل مع الحياة، وإن الأسرة تمثل ساحة انطلاق، والتقاء الثقافة والمجتمع والشخصية، فهى العامل الأصيل فى تحويل الإنسان من فرد بيولوجى إلى شخصية اجتماعية، باعتبار كونها النافذة الأولى التى ينظر من خلالها على أخلاق المجتمع وثقافته، ومن ثمّ تقوم الأسرة بتشكيل ضمير الفرد الداخلى مع تحديد أدواره ومكانته فى شبكة العلاقات الاجتماعية بدوائرها المختلفة، وهى سمات مميزة للدور الاجتماعى الذى تنطلق منه الأسرة.

لتعليم أفرادها كيفية التعامل مع الآخرين وتكوين العلاقات الاجتماعية من خلال إرشادهم إلى انتقاء الأصحاب، وأساليب التفاعل مع من حولهم، فضلا عن تحذير الأبناء من المخاطر المحيطة بهم، كرفقاء السوء، والعادات السيئة، والانحرافات الفكرية، ويضاف إلى ذلك الجهود التى تقوم بها الأسرة، فى الارتقاء بالجانب النفسى للفرد من المساعدة فى تحقيق الاستقرار لدى أفرادها والإحساس بالأمان، وزيادة شعورهم بالحنان والرحمة والحب والسلام والراحة النفسية، وضرورة الابتعاد عن مواطن الهلاك ودوائر الضياع، وبهذه المعانى تبرز أهمية الأسرة وتتضح سمات وظائفها المنوطة بها حتى تتحقق فيها شروط الحاضنة الحيوية للإنسان التى تتكون فيها مهاراته ومعارفه.

وتتشكل من خلال قيمها النافعة اتجاهاته الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والاقتصادية، بما يكون ذرية طيبة تقر بها عيون المجتمع، ويتقدم بجدها واجتهادها الوطن وتفخر بها الأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى