مقال

حب الأوطان والحنين إليها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حب الأوطان والحنين إليها
بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الذي كانت نبوته صلي الله عليه وسلم محمد هي نبوة صدق وأمانة وإيمان فإنها نبوة تدعو إلى فهم ووعي وهداية، هداية بالتفكر والتأمل والنظر فالتفكير يوجب الإسلام والإسلام يوجب التفكير، فلا يُخشى على الإسلام من حرية الفكر بل يخشى عليه من اعتقال الفكر، فإنها نبوة مبشرة منذرة حيث قال الله تعالي ” إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون” فلا إغراء في هذه النبوة ولا مساومة وإن من لا يصدق هذه النبوة فلن يصدق أي خبر عن الإيمان أو الوجود ومن لا ينتفع بعقله وضميره للإيمان بهذه النبوة فلن تنفعه كل المعجزات، ولقد كان القرآن الكريم معجزة الإسلام الأولى وكان الرسول صلي الله عليه وسلم بذاته وأخلاقه وسيرته.

وانتشار دعوته معجزة الإسلام الثانية وحُق للنفس التي تجمعت فيها نهايات الفضيلة الإنسانية العليا أن تكون معجزة الإنسانية الخالدة، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد لقد تغنى الشعراء بحب الوطن، فقال أحد الشعراء، وطنى نشأت بأرضه ودرجت تحت سمائه ومنحت صدري قوة بنسيمه، وهوائه ماء الحياة شربته لما ارتويت بمائه وملأت جسمى عزة حين اغتذى بغذائه ولذلك يجب أن نحافظ على وطننا بالدفاع عنه وقت الخطر، وحمايته من كيد الأعادي، وفي وقت السلم نعمل مخلصين لرفع علم بلادنا عاليا، وفي الحرب نهب للدفاع عن الوطن ونقدم أرواحنا فداء له، وإن حب الوطن شعور كم خفقت به القلوب.

وشوق كم كلفت به الأفئدة وحنين يزلزل مكامن الوجدان، وحب أطلق قرائح الشعراء وهوى سُكبت له محابر الأدباء وحنين أمض شغاف القلوب وإلف يأوي إليه كرام النفوس وسليم الفطر، وحب لم يتخل منه مشاعر الأنبياء وود وجد في قلوب الصحابة والأصفياء، بل هو شعور تغلغل في دواخل الحيتان تحت الماء ورفرفت لأجله أجنحة الطير في السماء، إنه أيها المسلمون حب الأوطان، فقال أهل الأدب إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحنته إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه وبكاؤه على ما مضى من زمانه، وإن المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان أمر غريزي وطبيعة طبع الله النفوس عليها، وحين يولد الإنسان في أرض وينشأ فيها فيشرب ماءها ويتنفس هواءها ويحيا بين أهلها فإن فطرته تربطه بها فيحبها ويواليها.

ويكفي لجرح مشاعر إنسان أن تشير بأنه لا وطن لهن وقد اقترن حب الأرض بحب النفس في القرآن الكريم، فقال الله عز وجل فى سورة النساء ” ولو أنا كتبنا عليهم أن أقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ” بل ارتبط في موضع آخر بالدين، فقال الله تعالى فى سورة الممتحنة ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ” ولما كان الخروج من الوطن قاسيا على النفس فقد كان من فضائل المهاجرين أنهم ضحوا بأوطانهم هجرة في سبيل الله تعالى، فعن عبد الله بن عدي بن حراء قال، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقفا على الحزورة وهى السوق، فقال “إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت” رواه الترمذى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى