مقال

لعن الله الخمر وعاصرها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن لعن الله الخمر وعاصرها
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم إنا نعوذ بك من شر أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسألك الهداية التي لا ضلال بعدها، والفوز بجنان الخلد في الآخرة، إن ادعاء المحبة وإحياء ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم من خلال الموالد والمحدثات دون أن يكون الإنسان على هديه ونهجه إن إدعاء ذلك من الكذب الصريح، إذ كيف يجتمع حب الرسول صلى الله عليه وسلم ومخالفة أمره وهديه بالإحداث في الدين بل كيف يجتمع حبه وذكره مع تلك المحرمات التي تفعل في تلك الليلة المزعومة من رقص وخمور ولهو وغناء محرم.

ويقول تعالي ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم” وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولد في شهر ربيع الأول، ولكنهم اختلفوا في تاريخ اليوم الذي ولد فيه اختلافا كثيرا، وفي المقابل اتفق العلماء على أن وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانت في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة النبوية، وبناء عليه فإن الاحتفال في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول إساءة أدب وجفوة للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم في الحقيقة إنما يحتفلون بموته لا بمولده وكفى بذلك قبحا وضلالا، وجفوة وإعراضا وعلى فرض أنه ولد في الثاني عشر من ربيع الأول فإن صاحب العقل السليم يدرك أن الفرح في تلك الليلة ليس بأولى من الحزن على وفاته.

فإن الأمة ما أصيبت بأعظم من فقده صلي الله عليه وسلم ولكنها قلوب ضعيفة الإيمان غلبت عليها الشبه والأهواء فأغواها الشيطان حتى عصت الرحمان وزاغت عن هدي المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم، ولقد جاءت النصوص في القرآن والسنة بتحريم الخمر ويقاس عليه ما ماثله في الإسكار أو زاد عليه، وقال النبي صلى الله عليه و سلم “كل مسكر خمر، وكل خمر حرام” وقال صلى الله عليه وسلم “إن الله لعن الخمر وعاصرها، ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها، وبائعها ومبتاعها وساقيها ومسقاها” فإن آفة السكر هي أم الخبائث، ومفتاح كل شر، وبوابة الهلاك، فكم حصل بسببها من سفك للدماء المعصومة، وإتلاف للأموال الخاصة والعامة، وانتهاك للأعراض المصونة حتى على المحارم، وكم قضت على طاقات نافعة وعقول ناضجة.

وأشقت من أسر سعيدة، وكم أذلت من عزيز، وأفقرت من غني، وأهانت من كريم، وصغرت من عظيم، وأمرضت من صحيح، وفرقت بين الأقارب والأحبة والأصدقاء، وغير خاف على كل ذي حجا نظيف أن المسكرات إهلاك للفرد والمجتمع في مجالات شتى إهلاك ديني، وإهلاك أخلاقي، وإهلاك اقتصادي، وإهلاك صحي ونفسي، وقد تحدث الناس عن أضرارها ووجوب تجنبها على اختلاف أديانهم وتخصصاتهم العلمية، لذلك وجدنا بعض الدول العالمية الكبرى غير المسلمة حاربت الخمر في بعض الأوقات وأنفقت في سبيل ذلك أموالا وقدرات كثيرة، لكنها لم تفلح لعدم وجود الوازع الداخلي لدى المتعاطي، أما شعوب الإسلام فقد رباها الإسلام على ترك المسكرات طاعة لله، وسلامة للدين والدنيا.

فقل تعاطي المسكرات بين أهلها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عند نزول آية تحريم الخمر قال “فإني لقائم أسقي أبا طلحة وفلانا وفلانا إذ جاء رجل فقال وهل بلغكم الخبر؟ فقالوا وما ذاك؟ قال حرمت الخمر، فقالوا أهرق هذه القلال يا أنس، قال فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل” رواه البخارى ومسلم، وهكذا يصنع التسليم لحكم الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى