مقال

الدكروري يكتب عن أفضلية النكاح مع قلة المهر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أفضلية النكاح مع قلة المهر
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقة الإسلامي عن موضوع الصداق للنساء، أنه من دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة، فهو أحمق جاهل، وكذلك صداق أمهات المؤمنين، هذا مع القدرة واليسار، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يُصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة، والأولى تعجيل الصداق كله للمرأة قبل الدخول إذا أمكن، فإن قدّم البعض وأخّر البعض فهو جائز، وقد كان السلف الصالح الطيب يرخصون الصداق، والذي نقل عن بعض السلف من تكثير صداق النساء فإنما كان ذلك لأن المال اتسع عليهم، وكانوا يعجلون الصداق كله قبل الدخول.

لم يكونوا يؤخرون منه شيئا، ومن كان له يسار ووجد فأحب أن يعطي امرأته صداقا كثيرا فلا بأس بذلك، وقال أيضا ويكره لرجل أن يصدق المرأة صداقا يضر به أن ينقده، ويعجز عن وفائه إن كان دينا، وما يفعله بعض أهل الجفاء والخيلاء والرياء من تكثير المهر للرياء والفخر، وهم لا يقصدون أخذه من الزوج، وهو ينوي أن لا يعطيهم إياه، فهذا منكر قبيح، مخالف للسنة، خارج عن الشريعة” ويقول الإمام الشوكاني تعليقا على حديث السيدة عائشة رضي الله عنها “إن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة” فيه دليل على أفضلية النكاح مع قلة المهر، وأن الزواج بمهر قليل مندوب إليه، لأن المهر إذا كان قليلا، لم يستصعب النكاح من يريده، فيكثر الزواج المرغب فيه، ويقدر عليه الفقراء، ويكثر النسل الذي هو أهم مطالب النكاح.

بخلاف ما إذا كان المهر كثيرا، فإنه لا يتمكن منه إلا أرباب الأموال، فيكون الفقراء الذين هم الأكثر في الغالب غير مزوّجين، فلا تحصل المكاثرة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم” وقال الصنعاني في أنه لابد من الصداق في النكاح، وأنه يصح أن يكون شيئا يسيرا، فإن في قوله صلي الله عليه وسلم “ولو خاتما من حديد” مبالغة في تقليله، فيصح بكل ما تراض عليه الزوجان أو من إليه ولاية العقد مما فيه منفعة، وأنه ينبغي ذكر الصداق في العقد، لأنه أقطع للنزاع، وأنفع للمرأة، فلو عقد بغير ذكر صداق صح ووجب لها مهر المثل بالدخول، وأنه يستحب تعجيل المهر، ويصح أن يكون منفعة، كالتعليم فإنه منفعة ويقاس عليه غيره، ويدل عليه قصة نبي الله موسى مع شعيب عليهما السلام.

وقوله صلي الله عليه وسلم “بما معك من القرآن” يحتمل وجهين أظهرهما أن يعلمها ما معه من القرآن ويكون ذلك صداقا، ويؤيده قوله في بعض طرقه الصحيحة “فعلمها من القرآن” ويحتمل أن الباء للتعليل وأنه زوجه بها بغير صداق إكراما له لكونه حافظا لبعض القرآن” وقد اعتمد بعض الفقهاء في جعلهم عشرة دراهم حدا أدنى للمهر على حديث جابر رضي الله عنه “لا مهر أقل من عشرة دراهم” إلا أن هذا الحديث لم يصح، فقد أخرجه الدارقطني في سننه وقال فيه مبشر ابن عبيد، متروك الحديث، أحاديثه لا يتابع عليها، كما أخرجه البيهقي من طريقه، ثم ذكر قول أبي علي الحافظ فيه مبشر بن عبيد وقد أجمعوا على تركه، وكان أحمد بن حنبل يرميه يوضع الحديث، وذكره الشوكاني في كتاب الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة.

ونقل قول الإمام أحمد بأنه قال مبشر كذاب، يضع الحديث، وقال الشوكاني في لو صح لكان معارضا لما تقدم من الأحاديث الدالة على أنه يصح أن يكون المهر دونها، ولكنه لم يصح، فإن في إسناده مبشر بن عبيد وحجاج بن أرطأة وهما ضعيفان، وقد اشتهر حجاج بالتدليس، ومبشر متروك، وقد روى الحديث البيهقي من طريق آخر، وفي إسناده داود بن زيد الأودي وهو ضعيف بلا خلاف، وثالثة فيها أبو خالد الواسطي، فهذه طرق ضعيفة لا تقوم بها حجة، وقاس بعض الفقهاء أقل المهر على أول ما يقطع به يد السارق، وقد رد ابن القيم هذا القياس وقال “وهو من أفسد القياس، وأين النكاح من اللصوصية؟ واستباحة الفرج من قطع اليد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى