مقال

الهداية وصلة الأرحام ” جزء 4″

الهداية وصلة الأرحام ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الهداية وصلة الأرحام، فيا معاشر الأبناء، كونوا على ثقة أن هذه الحياة دار جزاء ومكافأة، فمن أحسن إلى والديه، وأسعدهما وبرّهما فسيجازيه الله سبحانه وتعالى أولادا يحسنون إليه، ويرعونه في شيخوخته، ويحسنون إليه في ضعفه، ومن عقّ والديه، فأغضبهما، وأبكاهما، وهجرهما، وتناساهما فسيجزيه الله سبحانه وتعالى أبناء يفعلون به كذلك كما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل، واثنان، فيقول صلى الله عليه وسلم كما عند الطبراني من حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه “اثنان يعجّلهما الله في الدنيا، البغي وعقوق الوالدين” ويذكر أهل العلم عن ابن عاق أخذ يهين والده، تجرأ عليه فضربه، ثم أخذ يجر والده لكي يطرده من بيته، يجر والده في الأرض.

 

يجره من رجليه، فأي قلب في هذا الابن، أخذ يجرّه معاشر الأبناء حتى بلغ به باب البيت، فناداه أبوه يكفي إلى الباب، يكفي يا بني، فقال الابن لا، بل إلى الشارع، فقال يا ابني إلى الباب ويكفي، فوالله ما جررت قدميّ أبي إلا إلى الباب، وكما تدين تدان، فإن الفوز برضا الله في البر بالأب، يعني أن تقدّر أباك، أن تحترمه، أن تجله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه رأى رجلين يمشيان، فقال لأحدهما ما هذا منك؟ قال هذا أبي، قال لا تسمّه باسمه، ولا تمشي أمامه، ولا تجلس قبله، هذا هو البر” رواه البخاري، وإن من البر بالأب في حياته وبعد موته أن تكثر من الدعاء له فيقول تعالى ” وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا” ويقول تعالى ” أن اشكر لى ولوالديك”

 

وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى كلمة عظيمة، قال إذا صليت الصلوات الخمس فقد شكرت الله، وإذا دعوت لوالديك في أدبار الصلوات الخمس فقد شكرت لوالديك، فيا معاشر الأبناء، آن لنا أن نرجع إلى آبائنا فنقبل أقدامهم، ونقبل أيديهم، ونسعى في إرضائهم ما استطعنا، يكفينا شقاوة في حياة العقوق، أما آن لنا أن نسعد بالأنس بطاعة الله تعالى في حياة البر، فإن لدينا في الإسلام من الفضائل والقيم التى لو تمسكنا بها لأصبحنا امة تسود الامم، فالإيمان بالله ومراقبته وتعظيمه، والخوف منه، والأمانة والصدق والحياء والعفاف، وصون اللسان، وحفظ الجوارح والتسامح، واحترام الآخرين، وحفظ حقوقهم والتعاون، وبذل المعروف والجود والكرم وحسن الخلق، وصون الدماء.

 

وحفظ الأعراض قيم أخلاقيه من تمسك بها قاد وساد الامم، وقد ضرب الصحابة أروع أمثلة الإيثار وأجملها، ومن يتأمل في قصص إيثارهم يحسب ذلك ضربا من خيال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه “أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه طعاما فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى نسائه، فقالوا والله ما عندنا إلا الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه من يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار أنا يا رسول الله فانطلق به إلى امرأته، فقال أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال جهزي طعامك، ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فجهزت طعامها، وأضاءت مصباحها، ونوّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته.

 

فجعلا يشعران الضيف أنهما يأكلان، وباتا جائعين ، فلما أصبحوا قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تعجب الله من فعلكما، فأنزل الله عز وجل فى سورة الحشر ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون” وإن من قيم المجتمع هو الصبر فلقد رفع الله سبحانه وتعالي بالبلاء درجة الأنبياء، ومحا به خطايا الصالحين وعباد الله الصالحين ابتلوا في حياتهم بمصائب، فمنهم من ابتلي بالمال ففقد ماله، ومنهم من أصيب في عقله بمصيبة، فذهبت بعقله، ومنهم من أصيب في جسمه، ومنهم من أصيب بابنه، إما ضل، أو مات، أو ذهب عنه ولم يعد ومنهم من أصيب بعرضه، واتهم تهمة وهو منها براء، فصبر واحتسب وقد قال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى