مقال

النظام الاجتماعي الإسلامي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن النظام الاجتماعي الإسلامي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم إنا نعوذ بك من شر أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسألك الهداية التي لا ضلال بعدها، والفوز بجنان الخلد في الآخرة، أما بعد لقد كان للمسجد في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم الدور الفعال في كل أمور الدولة الإسلامية، ولقد وُجدت في مؤخرة مسجد سول الله صلي الله عليه وسلم أهل الصفة، فكان يأوي إليها الغرباء والمعدمون، ويجدون فيها الطعام والشراب والكساء والمبيت، كما كانت أهل الصفة هذه مكان لإقامة الذين حبسوا أنفسهم لطلب العلم.

ولقد كانت الخطبة التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم في المسلمين، والتي يهيب فيها بالمسلمين التبرع، ومساعدة المحتاجين، ولم يتأخر أحد في تقديم ما جادت به نفسه استجابة لمطلب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم تكن هذه الخطبة إلا واحدة من مثيلاتها في التأثير والاستجابة في مختلف شئون الحياة الاجتماعية والدينية والأخلاقية، ومن هذا نجد مبدأ التكافل الاجتماعي يتخذ طريقا له في المجتمع الإسلامي من خلال المنبر بشكل لا يتحقق فيها لو كان في مكان غير المسجد، ولهذا بقيت المجتمعات المسلمة قوية متماسكة في ظل مختلف الظروف، حتى بعد أن اندثرت الدولة، وانهارت النظم الإدارية التي كانت تنظم للناس أمور معاشهم لأن كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي يحمل في أعماق روحه روح الجماعة التي تفرض عليه مد يد العون لأخيه المسلم دون أن يسأله من هو؟

أو من أين؟ أو ما إلى ذلك، بل يسارع إلى تفريج كربته لأنه يعلم أنه يدين بعقيدة التوحيد مثله سواء بسواء، ومن هنا جاءت عظمة هذا الدور الذي قام به المسجد وقيل إن النظام الاجتماعي الإسلامي قد انبثق من العقيدة الإسلامية، وتكيف وجوده بالشريعة الإسلامية، يجب أن يظل دائما خاضعا في نموه وتجديده للأصل الذي انبثق منه، وللشريعة التي كيفت وجوده، وإن الله سبحانه وتعالى انتدب عباده إلى البذل في سبيله، فتسابق المؤمنون في هذا المضمار المبارك فهذا يبذل الأموال وآخر يتصدق بنصف ماله أو ثلثه وذاك يعد بالكثير من الإعانات والهبات، وآخر قد أوقف نفسه وفرّغها في أعمال البر والخير، يبذل وقته في نفع المسلمين إغاثة ودعوة وتعليما، وكلهم على خير إن شاء الله لكن هناك صنف من الناس هانت عليهم دنياهم ولم تغرهم متع الحياة وزخرفها.

ولم يقعد بهم الخوف على الذرية والعيال، سلكوا طريقا جبن عنه الكثير، اختاروا طريقا قلّ سالكوه، وركبوا بحرا تقاصرت الهمم عن ركوبه، علموا أن العمر محدود والطريق طويل فاختاروا أرفع المقامات وتسنموا ذرى الإسلام، علموا أن أغلى ما يملكه الإنسان روحه التي بين جنبيه، فقدموها قربانا إلى ربهم، يهون المال والمتاع دون الدم، ولكنهم أراقوا دماءهم في سبيل الله، فعقدوا البيع مع الله، والسلعة أرواحهم ودماؤهم، والثمن الموعود عند الله تعالي هو الجنة، ومن أوفى بعهده من الله؟ فيا لله ما أعظمه من بيع، وما أعظمه من ربح، فما أشجعهم غادروا أوطانهم، وهجروا نساءهم، وفارقوا أولادهم وخلانهم يطلبون ما عند الله، فتركوا لذيذ الفراش ورغد العيش وخاطروا بأنفسهم في سبيل الله يطلبون الموت مظانه، فما أقوى قلوبهم، وما أقوى إيمانهم حين يعرضون رقابهم للحتوف ويريقون دماءهم تقربا إلى الله ربهم طمعا فيما عند الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى