مقال

تحمل الأذى من البشرية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تحمل الأذى من البشرية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء 31 اكتوبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، إن القصاص في الشريعة الإسلامية هو أقوي ضمان لحق الحياة ولا ينال منها بتاتا، ذلك بأن القصاص حد القتل وما شرعت الحدود في الإسلام إلا لحماية حقوق الإنسان وحرياته فهي العقوبات المحددة المنصوص عليها من الله سبحانه وتعالى والتي يعتبر تنفيذها عبادة إذا تأملنا فيها إلا لحماية هذه الحقوق فحد القصاص شرع لحماية حق الحياة حد الحرابة لحماية حق الأمن الاجتماعي وحد السرقة لحماية حق التملك وحد الزنا لحماية حق النسل وبناء الحياة الاجتماعية وحد القذف لحماية حق الفكر والإرادة وحماية العقل مما يغتاله من الخمر والمخدرات، فالحقوق دين والاعتداء عليها جريمة.

وعقوبة المعتدي حدية لا مجال فيها للاجتهاد لذلك لا يصح القول أن القصاص بقتل الجاني تعدي على حق الحياة لأن المشرع للحد هو الله الذي خلق الإنسان هو أعلم بالحقوق والتشريعات التي تحقق له السعادة والمصلحة، وإذا كان القصاص يعني إعدام الجاني فإن عقوبة الإعدام لها المعنى قد نصت الشرائع السماوية عليها كوسيلة لمنع الجرائم والحفاظ على حياة الناس وأموالهم وأعراضهم ففي الشريعة الموسوية ورد في الفصل الحادي والعشرين من سفر الخروج ما نصه أن من ضرب إنسانا فمات فليقتل قتلا، وإذا بغى رجل على آخر فقتله اغتيالا فمن قدام مذبحي تأخذه ليقتل ومن ضرب أباه و أمه يقتل قتلا، وإن حصلت أذية فأعط نفسا بنفس وعينا بعين وسنا بسن، وإن السماحة تكمن في تحمل الأذى من الناس.

وطلاقة الوجه واستقبال الناس بالبشر، فقد قال معلم البشرية وخير البرية صلى الله عليه وسلم “تبسّمك في وجه أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرضِ الضلالة لك صدقة وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريقِ لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة” وإن الحرب نقيض السلام ولقد أجهدت الحروب والصراعات على مر الزمان شعوب الأرض كلها، فالجميع يطمح اليوم إلى السلام الذي يستجيب لآمالهم وأمنياتهم، ويؤمن لهم حياة رغيدة دون خوف من القذائف بكل أنواعها، أو الرصاص أو القنابل أو الأسلحة النووية، فهذه الأمور تخيف الكبار، وتقضي على طفولة الأطفال، وتهدم المنشآت والحضارات والإرث التاريخي للأوطان.

كان جري شعوب العالم جميعا جريا مُجهدا وراء الوصول للغاية العظيمة الذي يطمح لها الجميع، والذي أسست لها ودعمتها الديانات السماوية جميعها على مر الزمان فقد دعت كلها إلى المحبة، والرحمة، والتآخي، والمودة، وبناء المستقبل المشترك بين كافة الشعوب والأعراق والأجناس، فالسلام اسم نسبه الله إليه ضمن أسمائه الحسنى، وهو تحية المسلمين، ودعوة الأنبياء جميعا، وهو ما يدعى به بعد الانتهاء من الصلاة وكأنها وصية أنزلها الله للأرض لكي يؤمن بها ويتقلدها الناس، ويكفي أن كلمة السلم بمشتقاتها قد جاءت في القرآن الكريم مائة وأربعين مرة، بينما جاءت كلمة الحرب بمشتقاتها ست مرات فقط، والفرق بين العددين، هو الفرق بين نظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كلا الأمرين.

ففي معظم أحواله صلى الله عليه وسلم كان يبحث عن الطرق السلمية والهادئة للتعامل مع المخالفين له، ويحرص على تجنب الحرب ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وذلك إلى حد قد يتعجب له المحللون والدارسون كثيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى