مقال

أشد أنواع التسلط وأخطرها

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أشد أنواع التسلط وأخطرها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء 1 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن استبطان عقيدة التوحيد في القلب وتكرارها باللسان وطلب استحضارها في أشد لحظات التجلي في العبادة، إنما تقرر للتحصن في مواجهة محاولات الخروج عليها والنيل منها، لأن نشوء الألوهيات البشرية مستمر، ولن تتوقف المدافعة في هذا المجال لأن هذه المدافعة تمثل جدلية الحياة، حيث يتقرر في ضوئها حق الإنسان، وقد يكون أشد أنواع التسلط وأخطرها وهضم الحقوق وانتهاك الحرمات عندما يعطي الإنسان نفسه حق التصرف بمن هو إنسان مثله.

يشرع له القيم بحيث تتحول هذه القيم في النهاية جسرا يمر عليه التسلط، وأن عقيدة التوحيد لا إله إلا الله حررت الإنسان من العبوديات، ونسخت الألوهيات البشرية والحجرية والطبيعية والكونية، بشكل عام، وسوت بين الناس جميعا، كما أنها حررت القيم الضابطة لمسيرة الحياة من مواضعات البشر، التي كانت وما تزال تشكل جسر العبودية والتسلط، وإن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ابتلي على كافة الأصعدة، في صعيد المعركة ابتلي بالقتال، فصبر واحتسب، ومات ابنه عليه الصلاة والسلام فلذة كبده وشجا روحه، وهو في العامين من عمره، فصبر واحتسب، ويقول أنس ذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم له ابنه إبراهيم ونفسه تقعقع، فأخذه صلى الله عليه وسلم واحتضنه وهو في سكرات الموت.

وبكى عليه الصلاة والسلام وكان يقول “إنا لله وإنا إليه راجعون تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” ما أحسن هذه الكلمات، وابتلي عليه الصلاة والسلام بفقد بناته، فصبر واحتسب، وجلس عند قبر، وأخذ ينكت الأرض ويبكي ويقول “والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا” وابتلي عليه الصلاة والسلام في دعوته بالشائعات، فقالوا ساحر، وشاعر، وكاهن، فاحتسب ذلك عند الله عز وجل، وإن الإنسان في هذه الدنيا لا يمكن أن يبقى مسرورا دائما، بل هو يوما يُسر ويوما يحزن، ويوما يأتيه شيء ويوما لا يأتيه فهو مصاب بمصائب في نفسه، ومصائب في بدنه، ومصائب في مجتمعه، ومصائب في أهله، ولا تحصى المصائب التي تصيب الإنسان.

ولكن المؤمن أمره كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، فإذا أصبت بالمصيبة فلا تظن أن هذا الهم الذي يأتيك أو هذا الألم الذي يأتيك ولو كان شوكة لا تظن أنه يذهب سُدى، بل ستعوّض عنه خيرا منه، ستحط عنك الذنوب كما تحط الشجرة ورقها، وهذا من نعمة الله تعالي، وإذا زاد الإنسان على ذلك الصبر والاحتساب، يعني احتساب الأجر، كان له مع هذا أجر، وإن الصبر لم يخلق إلا للنفوس الكبيرة، التي تستطيع أن تستعلي على كل ابتلاء وهم، فتصبر وتحتسب عند الله كل ما تلاقيه من عناء وكبد، إنها هي الدنيا، الاختبار الكبير، وكيف يكون الاختبار دون فتن وابتلاءات ومحن تحتاج إلى صبر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى