مقال

الحرام و التحايل في الخصومة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحرام و التحايل في الخصومة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 7 نوفمبر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد اتقوا الله وتعاونوا وتآزروا وتناصحوا، ولا يقل كل واحد منا نفسي نفسي لأنه لا غنى لمسلم عن إخوانه، واعلموا أنه لا يشترط في التكافل أن يكون بالمال والطعام وحسب، بل إن الزيارة في الله من التكافل، والنصيحة من التكافل، والكلمة الطيبة من التكافل، بل قد يكون أثر مثل هذه الأمور أعظم من أثر المال، فسارعوا إلى إحياء هذا المبدأ العظيم في أسركم وجيرانكم وإخوانكم المسلمين، واقتدوا بسلفكم الصالح الذين عرفوا هذا الأمر وقاموا به حق القيام، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم يتفقدون ذوي الحاجات ويعينونهم، وجاء من بعدهم من المسلمين فحرصوا على هذا أشد الحرص، فقاموا به جماعات وأفرادا، يبتغون رضوان الله تعالي.

ويذكر الإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء أن القاضي محمد بن علي المروزي عُرف بالخياط لأنه كان في الليل وفي وقت فراغه يخيط الثياب للأيتام والضعفاء، ويذكر أيضا أن أبا العباس الرفاعي وكان فقيها شافعيا كان يجمع الحطب ويجيء به إلى بيوت الأرامل ويملأ لهم الماء بالجرة، فأين نحن من سيرة سلفنا الصالح؟ وأين نحن من مثل هذه الأخلاق وهذه المكارم؟ فاتقوا الله تعالي وراقبوه في السر والعلن تفلحوا وتسعدوا، واعلموا أن ثواب هذا التكافل فإنه ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، فلقد عدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم كالجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، فيقول صلى الله عليه وسلم “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله” فهل نعجز عن تحصيل ثواب هذا الجهاد.

بمثل هذا العمل الذي قد يكون أيسر على كثير منا من الجهاد بالنفس؟ بل ويرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ ويشجع عليه حتى يجعل من يقوم بهذا الواجب الإسلامي العظيم رفيقا له في الجنة، فيقول صلى الله عليه وسلم “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما، فمن ذا الذي يرغب عن مصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة؟ ومن ذا الذي يزهد في هذا الفضل العظيم؟ وإياكم وأكل الحرام، فإن لأكل الحرام في زماننا مظاهر كثيرة منها التحايل في الخصومة أمام القضاة، كما هو شأن بعض من يحبُكون التزوير والتلبيس، والإدلاء بشهداء الزور ظلما وبهتانا، فقال تعالى ” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعملون”

وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه “هذا في الرجل يكون عليه مال، وليس عليه فيه بينة، فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وقد علم أنه آثم، آكل حرام” وقال قتادة “واعلموا أن من قضي له بباطل، أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة، فيقضى على المبطل للمحق بأجود مما قضي به للمبطل على المحق في الدنيا” ومن ذلك أكل مال اليتيم، الذي شنع فيه ديننا على أصحابه أيما تشنيع، بأسلوب تقشعر منه أبدان الذين يعقلون، فيقول تعالى فى كتابه الكريم ” إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا” وقال السدى “إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلما، يُبعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه، ومن مسامعه، ومن أذنيه، وأنفه، وعينيه، يعرفه من رآه يأكل مال اليتيم” وقال صلى الله عليه وسلم “اجتنبوا السبع الموبقات” وذكر منها “أكل مال اليتيم” رواه البخارى ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى