مقال

إتقان العمل من الأمانة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إتقان العمل من الأمانة
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 13 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم، إن الله سبحانه وتعالى قد أحسن كل شيء خلقه، فأحسنه وجوده وأتقنه، وجعله بديعا في هيئته ووظيفته على حسب ما تقتضيه حكمته سبحانه وتعالى، ,يتجلى إتقان الله عز وجل في هذه المخلوقات التي خلقها، وكلما تدبرت آثار خليقته ترى التقدير بميزان، والحساب بإتقان، وقال ابن القيم رحمه الله والرب تعالى يحب أسماءه وصفاته، ويحب مقتضى صفاته، وظهور آثارها في العبد.

فإنه جميل يحب الجمال، عفو يحب أهل العفو، كريم يحب أهل الكرم، عليم يحب أهل العلم، وتر يحب أهل الوتر، قوي والمؤمن القوى أحب إليه من المؤمن الضعيف، صبور يحب الصابرين، شكور يحب الشاكرين، ولقد أمر عباده بالإحسان في أعمالهم، وأحب ذلك، وهذا الإحسان هو الإتقان والإحكام، وهذه القضية وهي تجويد شيء وإحسانه وإتقانه من المطالب الشرعية العظيمة في ديننا، ومبنى الدين على هذا فيما أمر به في كل شيء حتى ذبح البهائم، فيقول صلي الله عليه وسلم “وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة” ويقول صلي الله عليه وسلم “إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” أي عمل، لأن النكرة عملا في هذا السياق سياق الشرط تفيد العموم، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى يحب من سلوك المؤمن الإتقان.

وهذا يشمل أعمال الدنيا وأعمال الآخرة، والله تعالى كتب الإحسان على كل شيء، كما في صحيح مسلم يعني أوجب عليكم الإحسان في كل شيء من أعمالكم، على بمعنى في، والمراد بالإيجاب الندب المؤكد، وهذا الحديث يدل على وجوب الإحسان لكن في كل شيء بحسبه، كما ذكر ابن رجب رحمه الله. فالمسلم مطالب بالإتقان في أعماله التعبدية والمعاشية، إحكاما وإكمالا، تحسينا وتجويدا وإتقانا فحق عليه أن لا يأتي بشيء من أعماله إلا صححه وأكمله وكمله، ولذلك يقبل ويكثر ثوابه، والإحسان والإتقان والإكمال والتجويد والتحسين، هذا الآن مما يتنادى به البشر، في التخطيط والتنفيذ، وقد جاء الإسلام بذلك من قديم، قال أحد السلف لا يكن هم أحدكم في كثرة العمل ولكن ليكن همه في إحكامه وتحسينه، وإكماله وعدم تركه ناقصا.

وبعض الناس يعمل ولا يحسن، وبعض الناس يبدأ ولا يكمل، فحثت الشريعة على الإتقان لإنها أمانة، فإتقان العمل من الأمانة، ولقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يعرف حق ربه عز وجل عليه وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه صلوات ربي وسلامه عليه ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على الله تبارك وتعالى ويخشع لله عز وجل حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل، فعن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال ” أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء” رواه أبو داود، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت.

أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” أفلا أكون عبدا شكورا ” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى